لوحة بديعة تتجدد كل عام مشاركة واسعة من الأسر المنتجة والجمعيات
الحسين اليزيدي
اختتم معرض صنعاء الدولي للقهوة اليمنية يوم الخميس الماضي فعالياته، وشهد المعرض إقبالًا كبيرًا من الزوار والمهتمين بقطاع البن، وتنوع فعالياته التي شملت عيادات استشارية، وأركانًا تاريخية وفنية، ومشاركات واسعة من المزارعين والباحثين والفنانين.
وضمن المشاركات في المعرض أوضح أمين العزب، كبير الخبراء والباحثين بالمركز الوطني لأبحاث البن، أن “عيادة البن” التي تم إطلاقها لأول مرة هذا العام ضمن فعاليات المعرض، تهدف إلى تقديم استشارات متخصصة لجميع المهتمين بسلسلة قيمة البن، بدءًا من المزارع وحتى صانع الفنجان. وشملت الاستشارات مجالات متعددة مثل الزراعة، إدارة الأعمال، التسويق، والتصدير.
وأشار العزب إلى أن الإقبال على العيادة كان كبيرًا، حيث استقبلت أكثر من 100 زائر يوميًا، معظمهم من المزارعين الذين يسعون إلى التوسع في زراعة البن أو حل المشكلات التي تواجههم، مثل استخدام المبيدات، التقليم، والتجفيف. كما لفت إلى أن بعض المزارعين وقعوا في أخطاء سابقة، مثل زراعة أصناف غير مناسبة لمناطقهم، مما أدى إلى خسائر كبيرة. ونصح بضرورة البدء بالاستشارات من مهندسين مختصين قبل الشروع في أي مشروع زراعي.
وأضاف أن المركز سيحلل الأسئلة الأكثر تكرارًا لتنظيم برامج توعوية وإرشادية تغطي الثغرات التي يحتاجها المزارعون، مع تأكيده على استمرار التواصل عبر مجموعات واتساب وفيسبوك لتقديم الدعم على مدار العام.
الركن التاريخي
وتحدث لليمن الزراعية مسؤول الركن التاريخي في معرض صنعاء الدولي للقهوة الباحث والمؤرخ اليمني محمد حسين العمري عن الأهمية التاريخية للبن اليمني، مؤكدًا أن الوثائق والمخطوطات المعروضة في الركن التاريخي بالمعرض تثبت أن البن اليمني يعود إلى أكثر من 800 عام، مما يدحض الادعاءات التي تشير إلى أن عمر البن لا يتجاوز 600 عام.
وأشار العمري إلى أن اليمنيين هم أول من اكتشفوا القهوة وطوروا استخدامها، حيث كانت تؤكل في البداية كنبتة، قبل أن يتم تحويلها إلى مشروب. وأضاف أن اليمنيين، وخاصة أتباع الطريقة الشاذلية، لعبوا دورًا رئيسيًا في نشر القهوة، رغم ما واجهوه من تحديات وجدل حول حكمها في بداية ظهورها.
وأوضح العمري أن هناك وثائق ومخطوطات تعود إلى أكثر من 800 عام، بالإضافة إلى قصائد شعرية ورسومات من متاحف عالمية، تؤكد أن البن دخل إلى عدن عن طريق العارف بالله الذبحاني. كما أشار إلى وجود مخطوطات نادرة غير منشورة سابقًا، تم الحصول عليها بعد بحث وتنقيب بالتعاون مع وزارة الثقافة ودار المخطوطات.
ولفت العمري إلى أن الوثائق الفرنسية المعروضة تثبت أن الفرنسيين كانوا أول من حاولوا احتلال ميناء المخا وأخذوا معملًا لتحميص البن، مما يعكس الأهمية التاريخية للبن اليمني. كما أشار إلى أن البرازيل، التي تعد من أكبر منتجي البن في العالم، ما زالت تضطر إلى خلط كميات من البن البرازيلي بنكهة البن اليمني لتحسين جودته.
وأكد العمري أن هذه الوثائق والمخطوطات تشكل أدلة قاطعة على أصالة البن اليمني، وأنه مستعد لمناظرة أي مؤرخين لإثبات أن أصل البن يمني وليس سعوديًا أو من أي دولة أخرى. وأضاف أن الإقبال الكبير على الركن التاريخي في المعرض، من قبل الأطفال والشيوخ والمسؤولين، يعكس الاهتمام المتزايد بالتراث اليمني وأصالته.
الرد على محاولات سرقة التراث
أكد ضيف الله الشامي، وزير الإعلام السابق، أن الركن التاريخي في المعرض يمثل ردًا مباشرًا على الدول التي تحاول سرقة تراث البن اليمني. وأشار إلى أن البن اليمني موجود منذ آلاف السنين، قبل نشوء العديد من الممالك والدول المجاورة. وشدد على أن الوثائق المعروضة تثبت أصالة البن اليمني، ودعا وسائل الإعلام إلى إبراز هذه الوثائق وتعزيز الوعي بأهميتها.
الجمعيات التعاونية
من جانبه، أكد علي صالح البرعي، أمين عام جمعية برع التعاونية الزراعية، أن المعرض يمثل فرصة كبيرة لتبادل الخبرات وفتح آفاق تسويقية جديدة للجمعيات الزراعية. وأشار إلى أن الجمعيات التعاونية تؤدي دورًا مهمًا في تنظيم جهود المزارعين ودعمهم لتحقيق أفضل النتائج من حيث الجودة والكمية.
وقال أن جمعية برع شاركت بأفضل وأجود أنواع البن البرعي وهو الدوائري والذي كان ضمن اهتمامات الزوار.
ودعا أمين عام جمعية برع التعاونية الزراعية، إلى ضرورة دعم الجهات المعنية لهذه الجمعيات لتمكينها من تحقيق أهدافها.
في إطار دعم وتطوير دور الأسر المنتجة في بلادنا شاركت الأسر المنتجة بشكل لافت في معرض صنعاء الدولي للقهوة الذي أقيم خلال الفترة من 15 إلى 20 فبراير 2025. وقد أكدت يسرى المطاع، مسؤولة الأسر المنتجة، أن هذه المشاركة جاءت لتعكس جهود الأسر اليمنية في الحفاظ على إرث القهوة اليمنية العريق وتعزيز مكانتها محلياً ودولياً.
واوضحت المطاع أن مشاركة الأسر المنتجة في المعرض هدفت إلى لتسليط الضوء على الدور الكبير الذي تلعبه الأسر، وخاصة النساء في الصناعات بالإضافة لفتح قنوات تسويقية جديدة لمنتجات الأسر المنتجة، سواء في المهرجان أو الأسواق في الأمانة وخارجها.
الركن الفني
بدورها، أوضحت حنان الأشول، مسؤولة الركن الفني، أن المعرض شهد مشاركة 177 فنانًا تشكيليًا قدموا لوحات فنية تعبر عن تراث البن اليمني وزراعته. وتم تكريم الفائزين العشرة، حيث حصلت الفنانة آلاء عامر على المركز الأول، وجيهان عبد الله على المركز الثاني، وإيليا الجحدري على المركز الثالث. وأشارت إلى أن بعض اللوحات تم بيعها، مما يعكس الإقبال الكبير على الأعمال الفنية.
ركن أشبال البن
من جانبه، أكد محمد ماجد طامش، مسؤول ركن أشبال البن، أن الركن يهدف إلى تعريف الأطفال بأهمية البن اليمني من خلال أنشطة ترفيهية وتعليمية. وشارك أكثر من 1000 طفل في أنشطة الركن، حيث تم توزيع دفاتر رسم عليهم لتلوينها، كحافز ودافع للمساهمة في غرس حب البن في قلوب الأجيال الجديدة.
زوار المعرض
وعن معرض صنعاء الدولي للقهوة تحدث الإعلامي أحمد الكبسي، معربا عن سعادته بمثل هذا المهرجان الذي يعتبر بوابة لليمن نحو العالم. وأكد الكبسي أن هذا الحدث يمثل فرصة كبيرة لعرض المنتج اليمني الأصيل، الذي يحمل في طياته تاريخًا عريقًا وتراثًا ثقافيًا يمتد لقرون.
وأضاف الكبسي: “إنني سعيد بأن نشهد هذا المهرجان الذي يعكس أصالة اليمن وتاريخها العريق، وهو نافذة نطل من خلالها على العالم لنعرفهم بجودة المنتج اليمني وأصالته”. كما أشاد بالجناح الخاص الذي يعرض تاريخ البن اليمني، مؤكدًا أن هذا الجانب التاريخي يضفي قيمة إضافية للمنتج اليمني.
وتطرق الإعلامي الكبسي إلى أهمية المنافسة في الأسواق العالمية، قائلًا: “نحن اليوم أمام منافسة جيدة، وإن كانت محصورة هنا في اليمن، إلا أنني أرى أننا قد أسسنا قاعدة قوية ستتيح لنا الانطلاق إلى الأسواق الدولية قريبًا”. وأشار إلى أن التسويق الجميل الذي شاهده في المعرض يرقى إلى مستوى المنافسة العالمية، مما يعزز فرص المنتج اليمني في الوصول إلى مراكز متقدمة في الأسواق الدولية.
أما أحمد بدر زائر آخر أشاد بتنوع المنتجات المعروضة، خاصة بن خولان من صعدة، الذي يتميز بنكهته الفريدة. وأشار إلى أن البن اليمني يحظى بسمعة عالمية، معربًا عن أمله في أن يشهد المعرض تطورًا أكبر في الأعوام القادمة، مع زيادة حجم الإنتاج والتصدير.
