تقاريرصحافة

زراعـــة البــرقــوق فــي اليـمــــن

رحلــة فاكهــة الصيـف

            يعد محصول البرقوق من الفواكه الصيفية اللذيذة التي تحظى بشعبية كبيرة في اليمن، حيث يتميز بطعمه الحلو والمنعش، وله قيمة غذائية واقتصادية تعكس أهميته في النظام الغذائي المحلي وفي تعزيز الاقتصاد الوطني.

وتتطلب زراعة البرقوق رعاية خاصة، بدءًا من اختيار الصنف المناسب إلى عملية الري والتسميد، حيث يقوم المزارعون بتطبيق تقنيات الزراعة التقليدية والحديثة لضمان جودة المحصول وزيادة الإنتاجية.

اليمن الزراعية | أيمن قائد

وفي السياق يقول المزارع منير راشد إنه بدأ رحلته مع زراعة البرقوق بسبب حبه لغرس الأشجار ورغبته في الاستفادة من فاكهة البرقوق اللذيذة، مشيرًا إلى أنها تُعد “ملكة الفواكه”.
ويُفضل منير البرقوق البلدي على الأصناف المستوردة، مؤكدًا أن البرقوق البلدي يتميز بتنوعه في الأشكال والأحجام، كما يُعتبر أقل عرضة للأمراض ويمكنه العيش لأكثر من مائة عام.
وعلى الرغم من حبّه لهذه الزراعة، إلا أن منير يواجه عدة تحديات، حيث يذكر أن نقص المياه والافتقار إلى العناية الكافية هما من أبرز المشكلات التي تهدد زراعة البرقوق المحلي، مما قد يؤدي إلى انخفاض أعداده وانقراضه، وفيما يخص مستقبل زراعة البرقوق في منطقته، يبدي منير تفاؤله، مؤكداً أنه يتوقع زيادة في الطلب على البرقوق المحلي في المستقبل، ومع تزايد الوعي حول فوائد هذه الفاكهة، يعتقد أن هناك فرصة سانحة لتعزيز زراعتها والإقبال عليها.
نجاح رغم العقبات:
المزارع علي ناجي من أبناء مديرية همدان بمحافظة صنعاء، هو الآخر يقول إنه بدأ بزراعة البرقوق بناءً على حاجة السوق لهذا النوع من الفاكهة، وأن سعره يُعتبر مناسبًا مقارنةً بأنواع الفاكهة الأخرى، مؤكداً أنه يعتمد على زراعة أصناف البرقوق الملقحة من الخارج، إذ توفر هذه الأصناف إنتاجية أعلى.
وعن الفرق بين الأصناف المحلية والأصناف المطعمة، يوضح ناجي أن الأصناف المطعمة تتميز بجودة أعلى وحجم أكبر، مما يزيد من جاذبيتها في السوق، ومع ذلك، يعاني ناجي من العديد من التحديات، أبرزها مشكلة ذبول البذور التي تؤدي إلى تساقطها على الأرض.
وبخصوص العوائق التي تقف أمام زيادة إنتاجيته، يشير المزارع ناجي إلى أن المشاكل التي تصيب الأشجار مثل الذبول والعوامل الجوية، تمثل تحديًا مستمرًا، معبراً عن استيائه من نقص الدعم المتوفر للمزارعين في منطقته، وهو الأمر الذي يزيد من صعوبة الاعتماد على زراعة البرقوق كمصدر رئيسي للرزق.
وفيما يتعلق بالخطوات الضرورية للنهوض بزراعة البرقوق، يشدد ناجي على أهمية توفير العلاجات المناسبة لمشكلة تساقط الثمار، بالإضافة إلى اعتماد أساليب تسويقية حديثة مثل تقنيات التبريد ومواد الحفظ.
من جهة أخرى، يذكر العمليات الزراعية التي تحتاجها أشجار البرقوق، بأنها تشمل تسوية الأرض، والري بناءً على احتياجات الأشجار، واستخدام المبيدات الفطرية والعنكبوتية لتحسين جودة الإنتاج.
وحول كيفية التعامل مع الأمراض والآفات، يقول ناجي: “نواجه مشكلة مستمرة مع تساقط الثمار بسبب التشقق والتصمغ، ولم نجد لها علاجًا فعالًا حتى الآن.
ويطالب ناجي بالحاجة الملحة لدعم وزارة الزراعة، مؤكداً على أهمية وجود مهندسين لمساعدتهم في التغلب على مشكلات تساقط الثمار وضمان حفظ المنتجات لفترات أطول، حيث لا يستطيع البرقوق أن يتحمل التخزين لأكثر من ثلاثة أو أربعة أيام.
ويعتبر علي ناجي مثالًا لمزارع مثابر يسعى لتحقيق النجاح رغم التحديات والعقبات، معلقًا آماله على تحسين وضع زراعة البرقوق في منطقته.
أما المزارع علي مظفر وهو من أبناء مديرية عنس بذمار بدوره يتحدث عن الأسباب التي دفعته لبدء زراعة البرقوق قائلاً: “كنت أبحث عن شيء نادر في المنطقة يوفر لي مصدر دخل”.. هذا الدافع الاقتصادي كان أساسياً في اهتمامه بهذا النوع من الزراعة.
وفيما يتعلق بالأصناف، يوضح مظفر أنه يزرع عددًا قليلاً من الأصناف المحلية، لكنه يعتمد بشكل أكبر على الأصناف المطعمة من الخارج؛ ويرجع ذلك إلى ما سمعه عن إنتاجيتها العالية، ولكن تجاربه الأخيرة أكدت له أن الأصناف المحلية أفضل من حيث الجودة والإنتاجية ومقاومة الأمراض والجفاف.
أما عن التحديات، فيشير مظفر إلى وجود أمراض تؤثر على المحاصيل، قائلًا: “نعاني من عدم القدرة على السيطرة على العديد من الأمراض، الأمر الذي يمنعنا من زيادة الإنتاجية”، لافتاً إلى مشكلة التسويق، خاصة في حالة وفرة المحصول، حيث لا يتناسب السوق مع الإنتاج.
ويضيف “لم نرَ أي دعم من الدولة، بل نشهد تدميراً للمزارع من جميع النواحي” ، وهو ما يعكس قلة الوعي الزراعي وتحمل المزارعين الأعباء بمفردهم.
خطوات للنهوض بالزراعة
ويرى مظفر أن الخطوة الأساسية للنهوض بزراعة البرقوق تكون بالاتجاه نحو الأصناف المحلية، معتبرًا أنها أسهل وأقل تكلفة، علاوة على كونها ذات جودة عالية.
ويصف العمليات الزراعية بأنها تعتمد على تجاربه الشخصية وتضحياته، مشيرًا إلى أنه لا يوجد إرشاد أو توعية صحيحة في الجانب المختص، مما يزيد من الصعوبات الزراعية التي يواجها، كما يوضح أنه يحاول التعامل مع الأمراض والآفات بقدر المستطاع، لكنه يواجه صعوبات بسبب قلة المعرفة والافتقار إلى المبيدات والأسمدة ذات الفعالية العالية.
ويقدم مظفر نصيحة واحدة للمزارعين الجدد، وهي ضرورة الحصول على إرشادات دقيقة من الجهات المختصة، مُشيرًا إلى أهمية المعلومات الدقيقة في دعمهم.
وتبرز تصريحات علي مظفر تحديات المزارعين في زراعة البرقوق، وتسلط الضوء على أهمية الدعم والتوعية اللازمة لضمان استدامة هذا القطاع الزراعي.
البيئة والموسم:
ولمعرفة البيئة المناسبة والمواعيد المثلى والأصناف للبرقوق يستعرض مدير عام لإنتاج النباتي المهندس وجيه المتوكل الوضع الراهن لزراعة البرقوق في اليمن ويجيب على الكثير من التساؤلات.
ويشير المتوكل إلى أن البيئة المثلى لزراعة البرقوق تتركز في المرتفعات الجبلية، خاصة في المناطق الباردة مثل محافظات صنعاء وذمار وعمران، مؤكداً على أهمية وجود تربة خفيفة قوية، وهو ما يتوفر في غالبية المناطق الجبلية، كما يوضح أن أفضل مواعيد الزراعة تتمثل في نهاية الشتاء وبداية الربيع، حيث تبدأ الزراعة من نهاية شهر يناير وحتى منتصف مارس، مما يتيح للمزارعين استغلال الظروف المناخية لصالحهم.
الأصناف المحلية والميزات:
وعند الحديث عن الأصناف المحلية، يذكر المتوكل وجود أربعة أصناف رئيسية، هي: [الصنف التفاحي الذي يتميز بحجمه الكبير، والصنف اللوزي الجيد، والصنف السكري اللذيذ والذي يحتاج لقطافه في مرحلة النضج الكاملة، بالإضافة إلى الصنف النادر المعروف باسم “المخاص”]، مشيراً إلى أن الأصناف المحلية تمتاز بسرعتها في النضج وإنتاجيتها، ولكنها تحتاج لتحسين وراثي لزيادة حجم الثمار.
ويبين أن الأصناف الخارجية تفوق المحلية من حيث الحجم والجودة، مما يجعلها مرغوبة بشكل أكبر في السوق، لكن هناك حاجة ملحة لتحسين الأصناف المحلية لضمان تحقيق نفس المستوى من الجودة.
وفي سياق متصل، يتناول المتوكل تأثير الظروف المناخية على زراعة البرقوق، مؤكداً أهمية المناخ البارد في الشتاء والمعتدل في الصيف لتحقيق النتائج المرجوة، مبيناً أنه يمكن تحسين زراعة البرقوق من خلال تقنيات حديثة مثل التحسين الوراثي والتطعيم لإدخال أصناف جديدة.
ورغم عدم ذكر تفاصيل محددة عن خطط وزارة الزراعة لدعم زراعة البرقوق، يبدي المتوكل اهتمامًا بتحسين الإنتاج ودعم المزارعين بشكل عام، مما يعكس رؤية الوزارة لدعم هذا القطاع.
كما يوضح أن تحسين الإنتاج وزيادة حجم الثمار يمكن أن يحقق استفادة اقتصادية كبيرة، إلا أن التحديات المختلفة مثل التحديات البيئية والاقتصادية قد تعرقل هذا التقدم.
ويعبر المتوكل عن تفاؤله بمستقبل زراعة البرقوق في البلاد، مؤكدًا على وجود إمكانيات للتوسع في الإنتاج إذا ما تم تحسين الأصناف المحلية وتطبيق تقنيات زراعية حديثة، مما يفتح الأفق لمزيد من الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي.
طرق تخزين البرقوق:
من جانب متصل، يشير التاجر إسماعيل الصمدي إلى أساليب تخزين محصول البرقوق التي تساهم في الحفاظ على جودته خلال فترة التخزين.
ويلفت إلى أهمية التبريد المركزي والذي يعتبر أحد الأساليب الأساسية التي يتم استخدامها في تخزين البرقوق، حيث يتم استخدام أجهزة تبريد متطورة لضبط درجة الحرارة المناسبة، مما يساعد على الحفاظ على جودة الفواكه، متبعاً القول: “التبريد ضروري لأن البرقوق حساس جدًا لدرجات الحرارة المرتفعة.”
كما أن التحكم في الرطوبة يعد ضمن هذه الطرق وذلك من خلال أجهزة تتم برمجتها لضمان مستوى رطوبة مناسبة للحفاظ على المنتج، وبحسب الصمدي فإن تكلفة هذه الأجهزة قد تصل إلى حوالي 1500 دولار، حيث يضيف “إذا كانت الرطوبة مرتفعة أو منخفضة جدًا، فإن ذلك يؤثر سلبًا على جودة البرقوق.”
ويشير الصمدي إلى أهمية مراقبة الظروف البيئية مثل درجة الحرارة والرطوبة بشكل دوري، حيث تعتمد العملية على ضبط هذه المعايير تلقائيًا عند الحاجة، مما يساهم في الحفاظ على جودة البرقوق خلال عمليات التخزين، متبعاً “نحن نراقب هذه الظروف باستمرار”، “لضمان عدم تأثيرها على جودة المحصول.”
ويستخدم الصمدي تقنيات حديثة في التخزين، حيث تتضمن هذه التقنيات أنظمة متطورة يمكن برمجتها لضمان أن الظروف المثلى للتخزين متاحة دائمًا، وهذه التكنولوجيا تضمن تحسين جودة البرقوق بينما يمكن تخزينه لفترات طويلة.

المتوكل: هناك إمكانية للتوسع في إنتاج البرقوق إذا ما تم تحسين الأصناف المحلية وتطبيق تقنيات زراعية حديثة

الصمدي: نستخدم أنظمة تبريد مركزية لضبط درجة الحرارة المناسبة لتخزين البرقوق لحفظ جودته

مظفر: الخطوة الأساسية للنهوض بزراعة البرقوق تكمن في الاتجاه نحو الأصناف المحلية

راشد: البرقوق البلدي يتميز بتنوع شكله وحجمه وهو أقل عرضة للأمراض ويعيش لأكثر من مائة عام

ناجي: نتفاءل بمستقبل زراعة البرقوق بالرغم من وجود تحديات كالأمراض التي تمثل عائقاً كبيراً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى