تقاريرصحافة

تـحديات مـوسميـة للثـروة الحيـوانيــة

غـــلاء للأضـــاحـــي وتراجــع فــي الإقبـــال

اليمن الزراعية: محمد أحمد

لم تعد الأضحية تشكل أولوية لدى حمود المطري هذا العام مثل بقية الأعوام السابقة.
يقول المطري بغصة: ” كان أخي يرسل لي أضحية كل سنة، حيث يقوم بتربيتها في قريبتنا بالريف، لكن هذه العادة توقفت منذ 3 سنوات، ولم يعد لنا أضحية بعد ذلك”.
ويرجع المطري سبب توقف أخيه عن تربية المواشي إلى سبب انخفاض الشراء مع الكلفة التي أصبحت عالية ولا يستطيع تحملها، بالإضافة إلى أجور النقل إلى صنعاء وبيعها في الأسواق.
في سوق نقم بصنعاء، تتفاوت أسعار ذكور (الأغنام) و (التيوس) و (الأثوار) وما يحكم السعر هو حجمها، ونوعها، وسنها، فالأسعار قد تكون مرتفعة لمعظم المواطنين، وفوق قدرتهم، والسبب انعدام السيولة بسبب العدوان والحصار الذي تسبب في توقف المرتبات، وتدني القوة الشرائية لمعظم المواطنين، وهذا أدى إلى تراجع حاد في الإقبال على شراء الأضاحي هذا العام، مثلما هو الحال في العشر السنوات الماضية.
ويلجأ بعض المواطنين إلى شراء أضاحي صغيرة الحجم، أو الاشتراك في شراء أضحية كبيرة، وتقسيمها بين مجموعة من الأشخاص، بينما يكتفي آخرون بشراء لحوم جاهزة.
ويستقبل اليمنيون عيد الأضحى المبارك في ظل تحدٍ كبير يتجلى في ارتفاع أسعار الأضاحي، حيث يتزامن مع ضعف القدرة الشرائية، مما يزيد من عدم الاهتمام بهذه المناسبة وعدم الاقبال على شراء الأضحية، كما كانت العادة في السابق، كما يقول عبد الكريم العوامي، وهو تاجر مواشي.
ويضيف العوامي في حديثه لـ صحيفة “اليمن الزراعية” أن هذا الوضع دفعهم إلى تقديم تسهيلات في عملية البيع والشراء عبر تقسيط المبلغ أحياناً إلى ثلاث وأربع دفعات، لا فتاً إلى أنه يقوم بتربية الأغنام منذ سنة أو أكثر، ولا تسمن الذبيحة إلا بعد أن يخسر عليها الكثير من العلف ذي الجودة العالية، ومما زاد من التكلفة، هي قلة هطول الأمطار لهذا العام
ويرى أن من بين أسباب ارتفاع أسعار المواشي هي أجور نقل المواشي المحلية القادمة من ريف تهامة بمحافظة الحديدة، وارتفاع أسعار المشتقات النفطية بين الفينة والأخرى.
اهمال متعمد
وتعد الثروة الحيوانية رافداً مهماً من روافد التنمية الزراعية، وهي مصدر مهم لتغذية الانسان، وإمداده باحتياجات الجسم الأساسية من البروتينات الحيوانية والأحماض الأمينية اللازمة لبناء الجسم، بالإضافة إلى أن الاستثمارات في الثروة الحيوانية تساهم فيما نسبته 19% من الناتج المحلي لليمن، بما يتجاوز 380 مليار ريال سنوياً، وفق المهندس عبد العزيز الجنيد مدير عام تنمية الثروة الحيوانية بوزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية.
وعن واقع الثروة الحيوانية في اليمن يوضح المهندس الجنيد في تصريح خاص لصحيفة “اليمن الزراعية” أن اليمن يمتلك ما يزبد عن 2 مليون رأس تقريباً من الأبقار، وما يزيد عن 20مليون رأس تقريباً من الأغنام والماعز بحسب البيانات المتاحة من مكاتب الزراعة في المحافظات وبيانات الاحصاء الزراعي للعام 2023م.
ويؤكد أن الثروة الحيوانية في اليمن تعرضت لإهمال متعمد خلال الفترة الماضية وغابت برامج التنمية الحقيقية، ونفذت برامج عملت على تدهور الثروة الحيوانية، ووصل الأمر إلى انحسار بعض سلالات الأغنام المحلية نتيجة تدخلات بعض المنظمات التي عملت على الخلط بين السلالات المحلية.
ويضيف: “ونتيجة لغياب السياسات العامة للدولة في السابق لم تنفذ برامج للحفاظ على السلالات المحلية والتراكيب الوراثية الجيدة التي تحتويها، كما أنه لم تنفذ أي برامج لتنمية وتحسين تلك السلالات، إضافة إلى غياب برامج تنمية وتحسين الموارد العلفية وإدارة الموارد العلفية المتاحة بالشكل المطلوب”.
ويشير إلى أنه، وعلى الرغم من أن بلادنا تحوي أنواعاً وأعداداً كبيرة من السلالات المحلية الجيدة خاصة في الأغنام والماعز وأنواع محدودة من عروق الأبقار إلا أنه ولغياب الوعي بأهمية تلك الثروة التي نمتلكها قامت الحكومات السابقة بالسماح باستيراد أعداد من الحيوانات من دول القرن الإفريقي بغرض توفير اللحوم الحمراء دون دراسة دقيقة للاحتياج المحلي ودون وضع ضوابطـ وشروط ومواصفات لحماية الثروة الحيوانية، كما أن ضعف القوانين والتشريعات التي تحمي الثروة الحيوانية وغياب دور الدولة في حماية الثروة الحيوانية و التي تتعرض له من ذبح لصغار الماشية والإناث.
ويؤكد أن كل تلك السياسات والسلوكيات انعكست سلباً على تربية الثروة الحيوانية لدى صغار المربيين سواء بتذبذب أسعار الحيوانات، أو الإصابة بأمراض وبائية كنا في غنى عنها من جهة، وتدهور كبير في أعداد الثروة الحيوانية من جهة أخرى.
وحول جهود ودور الوزارة لتنمية الثروة الحيوانية والمحافظة عليها يقول الجنيد أن الوزارة قامت ببعض الإجراءات، وبالمشاركة والتنسيق مع الإدارة العامة لصحة الحيوان والإدارة العامة للتسويق الزراعي منها، وقف العبث الذي كانت تمارسه المنظمات تحت مسميات مشاريع توزيع الثروة الحيوانية، ووقف استيراد الحيوانات من القرن الأفريقي، إضافة إلى تنظيم الصادرات من الثروة الحيوانية وتشجيع ذلك في ضوء المعايير والضوابط المنظمة لعملية التصدير.
ويواصل: “العمل على إعداد دراسات وتنفيذ مشاريع لتنمية الثروة الحيوانية إلى جانب التوسع في مشاريع الألبان والتوسع في سلاسل الألبان لتشمل محافظات أخرى”، مؤكداً أن الوزارة عبر الادارات المختصة تقوم بمتابعة أسواق الثروة الحيوانية، ومراقبة الأعداد المعروضة للبيع والأسعار خلال عيد الأضحى، وفي نفس الوقت تنظيم الصادرات من الثروة الحيوانية بما لا يؤثر على الأسواق المحلية، مواصلاً حديثه” كما أن هناك تنسيق مع المؤسسة العامة للمسالخ فيما يخص تدفق الحيوانات المعدة للذبح، والتي تنطبق عليها الشروط والمواصفات والعمل على الحد من ظاهرة ذبح الانات، وصغار الحيوانات من ذكور الأبقار والأغنام والماعز.
إجراءات وقائية وصحية
مدير عام المسالخ بأمانة العاصمة أحمد ادريس يقول إن الإدارة تقوم بالاستعدادات المتكاملة لاستقبال موسم عيد الأضحى، وأن المسالخ التابعة للمؤسسة جاهزة لاستقبال الأضاحي سواء الخاصة بالمواطنين، أو التابعة للمؤسسات والهيئات والجمعيات الخيرية التي تقوم بتوزيع لحوم الأضاحي على الفقراء والمساكين والمحتاجين، بالإضافة للإجراءات التي يقومون بها خلال موسم عيد الأضحى عبر الفحص والتأكيد على خلو المواشي بأنوعها من الأمراض في منافذ أمانة العاصمة قبل دخولها إلى أسواق التداول والبيع، ومن ثم تكليف فرق ميدانية بيطرية للنزول للفحص الميداني سواء في أسواق البيع مثل سوق نقم، وسوق الروضة، و سوق شارع خولان وغيرها من الأسواق.
ويضيف في تصريح خاص لصحيفة “اليمن الزراعية” أنه وبعد تجاوز كل مراحل الفحص المختلفة، ومعالجة الحيوان المريض إن وجد قبل ذباحته نقوم بتجهيز المسالخ الخاصة بالدولة بكل ما يلزم لاستقبال ما تستطيع من مواشي لذبحها، والتي تصل إلى مانسبته 40٪ مما يذبح في أمانة العاصمة.
ويشير إلى أن من يخالف الإجراءات الصحية والمتبعة أو يقوم بذبح الإناث أو صغار المواشي يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بعد عملية الاشعار بعملية المخالفة، وعمل محضر مخالفة التغريم بموجب قانون المصادرة، والإحالة للنيابة للإغلاق، موضحاً أنه تم رصد وتسجيل ما يقارب 841 محضراً خلال هذا العام.
ويوضح أن المسالخ الخاصة يتم الاشراف عليها من قبل مختصين، ونزول الفرق الميدانية الصحية الدورية للتأكد من سلامة وصحة الإجراءات المتبعة في كل مسلخ خاص، لا سيما الأضاحي الكبيرة باعتبار أن أغلب المواطنين يقومون بالذباحة في منازلهم، وبعض الشوارع بالنسبة للأضاحي الصغيرة.
ويتابع أنه يتم نزول فرق وحملات نظافة بالتنسيق مع صندوق النظافة لتنظيف الشوارع من بقايا الذبائح التي قد تترك آثاراً، وروائح كريهة، لافتاً إلى أن ما يذبح في مسالخ المؤسسة يتم التخلص من المخلفات بالطرق الفنية، بإعادة تدويرها، وما تبقى، فيتم إرساله إلى مقلب الأزرقين.
وفيما يخص ذبح صغار الاناث، يؤكد ادريس أنه لا يتم ذبح الإناث أو الصغار في مسالخ المؤسسة، موضحاً أنهم قاموا بعمل حملات توعية كبيرة عبر وسائل الاعلام والبرشورات التي توضح أهمية الصغار و الاناث وعدم ذبحها، والمحافظة عليها لتنمية الثروة الحيوانية، بالإضافة إلى حملات أمنية مع الداخلية لضبط أية مخالفة، أو محاولة تهريب، أو المتاجرة بالاناث والصغيرات، والحد من ذباحتها، لافتاً إلى أنه تم الاتفاق مبدئياً مع وحدة تمويل المشاريع والمبادرات الزراعية والسمكية بأمانة العاصمة لإنشاء أسواق في بعض المديريات، بحيث تكون أسواقاً متكاملة، و من ضمنها الحضائر، ومحلات البيع ومسالخ ذباحة المواشي والدواجن، ومحلات مخصصة لبيع الأسماك، حيث تكون مجهزة لعملية البيع والذباحة، وهذا سيحد من الانتشار العشوائي لأسواق بيع المواشي في شوارع أمانة العاصمة، لافتاً إلى صعوبة متابعة ما يقارب481 محل بيع وجزارة داخل أمانة العاصمة، إضافة إلى ما يقارب 161 مطعماً ذابحاً.
وعن أبرز المشاكل يقول ادريس إنهم يعانون من عدم توفر البنية التحتية التي تستطيع تغطية كافة ما يذبح داخل العاصمة، بالإضافة إلى النقص الكبير في الكادر المتخصص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى