تقاريرصحافة

نظرة جديدة لاقتصاديات المشروعات الصغيرة والتمكين

نظرة جديدة لاقتصاديات المشروعات الصغيرة والتمكين

تكلمنا في أعداد سابقة من صحيفة “اليمن الزراعية” في الجزء الأول والثاني من هذه الدراسة الاقتصادية عن تعريف المشروعات الصغيرة والآلية أو المبدأ الاقتصادي الذي تعتمده في تمويل تلك المشروعات، وهو الاقتراض والمصدر الرئيس للاقتراض هي مؤسسات التمويل بمختلف توجهاتها الربوية، أو غير الربوية بحسب مفهوم تلك المؤسسات، ومع اختلاف شكل التمويل إلا أن تلك المؤسسات تتفق أغلبها في ارتفاع نسبة الأرباح وعوائد القروض المستحقة على العميل، ولذلك تعتبر من بين أعلى نسب الاسترداد في العالم مع نسب نجاح وانجاز منخفضة لتلك المشاريع، ثم تكلمنا عن نظرتنا الجديدة للمشروعات الصغيرة بعنوانها “الكل يكسب” ومبدأها “الكل يساهم”، تحترم قيمنا المجتمعية، وتتصبغ بهويتنا الايمانية، بحيث ينطلق بنا مبدأ العطاء المشترك للوصول إلى الفائدة المشتركة المبنية على المفهوم القرآني:[وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان].

اليمن الزراعية – محمد عبد القادر

وأوردنا بشيء من التفصيل مثالاً حيوياً من واقع حياتنا الريفية وهو مشروع ضمن أنشطة الثروة الحيوانية، شرحنا تفاصيل أنشطته والفاعلين من داعمين وميسرين.
ويمكن الرجوع إلى التفاصيل في الجزء الأول والثاني من هذه الدراسة، واستكمالاً للجزأين السابقين، سنوضح هنا مجالات تطبيقيّة أخرى والمجال واسع ومتنوع، بتنوع الأنشطة الزراعية والصناعية والتجارية والخدمية وغيرها، لكن أيضاً يمكن ترك الخيار بهذا الخصوص للطرف الداعم مادياً بما يناسب توجهه واحتياجه، وأنشطة الجهة نفسها، أو ما يلبي حاجة أفرادها الاستهلاكية والخدمية وغيرها مثل الزراعة التعاقدية لبعض المحاصيل، أو إنشاء معامل للصناعات الغذائية التحويلية، أو الاستخلاص أو الحفظ والتغليف أو التسويق، أو صناعة وتوفير المستلزمات والمدخلات الزراعية، أو مجال الميكنة الزراعية وهكذا، كما يمكن للجهات المعنية بالتنمية وتوجيه التنمية كوزارة الزراعة، ووزارة الصناعة والتجارة، والهيئة العامة للاستثمار وغيرها من الجهات يمكن لها عمل دليل بمجموعة متنوعة من المشاريع القائمة على مبدأ (الكل يساهم.. والكل يكسب) وتشجع الجهات المعنية بالتمويل على الاندفاع نحو تبني الشراكة مع الأسر الريفية بالجوانب التي تدعم التنمية الحقيقية، وتحسن الجانب الاقتصادي والمعيشي لسكان الأرياف وتدعم توجهات التنمية الحقيقية والفاعلة للدولة في جانب القطاع الزراعي والأنشطة المرتبطة به؛ لكن هناك سؤال مهم وهو كيف للدولة أن تدفع بالجهات المختلفة من هيئات ومؤسسات وشركات حكومية وخاصة للتوجه الطوعي بدافعية عالية نحو إقامة علاقة اقتصادية مع المجتمع الريفي؟
وللإجابة عن هذا السؤال يجب أن نضع أنفسنا مكان تلك الجهات، ونقول: نعم هناك بوادر مشجعة، ومخرجات محفزة لتلك المشاريع لكن هذا لا يكفي بشكل كبير، فالقطاع الخاص على وجه التحديد يهتم بالحوافز المشجعة التي تضمن له هامش ربحي مناسب، أو على الأقل يكون بعيداً عن الخسارة، طبعاً مع اعتبارات لخصوصية المجتمع اليمني المعروف بالتآلف والتراحم ولا يخرج عن ذلك الكيانات المالية والاقتصادية من شركات، ومؤسسات وغيرها، لكن ذلك لا يمنع أن يكون هنالك دافع تحفيزي ديناميكي يجعل تلك الجهات هي التي تدفع نحو التوجه إلى الاستثمار الريفي تحت مبدأ، «الكل يكسب.. الكل يساهم»، وهذا بحد ذاته هدف مهم تسعى إليه الدول في إطار توجهاتها التنموية. وبالعودة إلى السؤال السابق، ومحاولة الإجابة عليه نجد أن الدولة في إطارها القانوني والتشريعي تمتلك أوراقاً مهمة جداً منها قطاعي الضرائب والجمارك، ولنبدأ بقطاع الضرائب، إلى جانب أن الضرائب مصدر للإيرادات فهي أيضاً لها القدرة على أن تكون أداة فعالة لتحفيز التنمية في البلد، حيث يعتبر مفهوم الضرائب مهماً للشركات والمؤسسات المنتجة، فالدولة يمكن أن تمنح جزءاً من الأموال المستحقة على تلك الجهات مرة أخرى في التنمية الاقتصادية بصورة إعفاءات جزئية بمقابل تمويل مشاريع الشراكة مع المجتمعات، والأسر الريفية، وهكذا تكون الجهات الشريكة في المشاريع قد استفادت مرتين، الأولى بضمان استرجاع أموال التمويل بشكل اعفاءات ضريبية جزئية أو كلية، والثانية في الاستفادة من عائدات المشروع القائم دون الحاجة إلى المتابعة الدقيق، أو التدريب والتأهيل كون هذه الأعمال ستختص بها جهات حكومية، أو مجتمعية مساندة لها، فالتنمية الاقتصادية هي نشاط مستمر وتفاعلي لا ينحصر على جهات معينة؛ بل هي حصيلة معادلة تربط كل طاقات المجتمع حكومية وخاصة وأفراد ومؤسسات والامتداد الايجابي لتلك العلاقات داخلياً وخارجياً في اطار المجتمع الدولي.
أما في قطاع الجمارك، فالأمر أبسط من ذلك، ويتمثل في التسهيلات والإعفاءات الجمركية المدروسة لكل المتطلبات والمستلزمات الموجهة نحو النهوض بتلك المشاريع وبما يساهم ويضمن أكبر قدر من نجاحها واستمراريتها وتوسعها.
نتمنى أن نكون قد وفقنا في وضع الدراسة الاقتصادية، وأن نراها على أرض الواقع. وشكراً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى