إرشاداتصحافة

عنب اليمن وبلح الشام

د. يوسف المخرفي

هنالك مقولة رائجة في الساحة العربية مفادها: “عنب اليمن وبلح الشام”، في إشارة مختصرة ومباشرة لجودتهما العالية، وتفرد اليمن في جودة العنب عربياً وعالمياً، وكذلك تفرد بلاد الشام بالبلح الأجود على المستويين العربي والعالمي أيضاً.
ويمكن القول إن الأجيال التي ولدت قبل ثورة 26 سبتمبر 1963م كانت أوفر حظاً مما تلاها من أجيال لم تعش عصر ازدهار جنات الأعناب في روضة صنعاء التي كانت غناء به.
وعلى اعتباري من جيل السبعينيات فقد لمحت عصر جنات الأعناب في مسقط رأسي قرية المخرف الأعلى من بلاد خولان الطيال العالية الشهيرة بالعنب البياض الخالي من البذر والحموضة والأجود على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية على الإطلاق الذي يمكن تسميته بعنب الجنة أكثر منه جنة العنب.
وفي مسقط رأسي كان هناك الوادي، والوادي الأعلى كجنة من جنات العنب البياض، والرازقي، والأسود والقوارير، عشت جناته في الثمانينيات بالذات، عندما كان يعتمد عليه سكان القرية كخريف وكمنتج نقدي يعود عليهم بالنقود وكانوا يتاجرون به نحو جميع مديريات محافظة ذمار.
والعنب كغيره من المنتجات الزراعية اليمنية التي تزرع عفوياً من قبل المزارعين، ولا تخضع لخطط زراعية علمية مدروسة، وفي ظل زخم الاهتمام بالإنتاج الزراعي حالياً، فإنه يعد زخماً إعلامياً وسياسياً وإحصائياً أكثر منه تخطيطياً وإنتاجياً واقتصادياً، ولن نصل لمرحلة التخطيط حتى نصدر، ونعمل بموجب خارطة التخصص في الإنتاج الزراعي.
وقد ضربت منطقة خولان الطيال موجة جفاف قاسية امتدت لنحو سبع سنوات متتالية بين عامي 2000 – 2007 لم تمطر خلالها السماء قطرة مطر واحدة مما أدى إلى هلاك حضائر ومزارع العنب في جميع مديريات خولان الطيال المنتجة للعنب(الحصن- حجانة- خولان- الطيال) نتيجة عوامل طبيعية عجز المزارع عن مواجهتها، وغابت الدولة كما حالها حتى حينه عن مواجهة أية مخاطر تهدد أو قد تهدد عمليات الانتاج الزراعي لواحدة، أو لبعض أو لجميع المنتجات الزراعية، وكان بإمكان الدولة توفير المياه، ولو لمرة وسقية واحدة في العام لتلك الحضائر والمزارع لإنقاذها من الهلاك واستدامة إنتاجها.
أما في بني حشيش فقد حافظ المزارعون على مزارع العنب من تلقاء أنفسهم بعدما لاحظوا حالة الفقر التي عاشها ويعيشها سكان منطقة الروضة الذين باعوا روضة جنة العنب لشيطان التوسع العمراني الهمجي الذي قضى على أجمل موطن لجنة اليمن(روضة ورياض صنعاء) التي استلهم منها أحد مهندسي تخطيط المدن الألمان فكرة لمدن الحدائق التي تعد أحدث أفكار مدن اليوم، ولم تحمها الدولة، ورفض بني حشيش بيع مزارعهم لشياطين الأراضي، وأجبروا صنعاء العشوائية المحتلة للأراضي الزراعية على ألا تتوسع باتجاههم، فبمثل هكذا موقف حضاري حافظوا على جنات الأعناب والزبيب الذي يلبي احتياجات البلاد.
وبحسب الإحصاء الزراعي الأخير لسنة 2021 تُقدر مساحة الأراضي المخصصة لزراعة العنب بحوالي 12.199 هكتارًا، وتنتج ما يقارب 145.591 طناً، وهي كمية قليلة ربما كان حجم إنتاج العام 1950م أكثر وأكبر منه، لكن يلاحظ تنامي زراعة وإنتاج العنب بمحافظة عمران بشكل ملحوظ قد يحدث اضطراداً سنوياً في حجم الانتاج الزراعي للعنب، وهو أيضاً تنامي عفوي غير مدروس وغير مخطط، بل تلقائي ناتج عن فقدان الناس لوظائفهم ومرتباتهم، وبالتالي عادوا لزراعة العنب كمنتج نقدي يدر عليهم ما يسد رمقهم ويلبي احتياجاتهم.
هذا ويزرع العنب في محافظات صنعاء وصعدة وعمران بكمية قد تحقق الاكتفاء الذاتي، كما قد تحقق فائضاً في الإنتاج للتصدير للخارج، وبالتالي الحصول على العملة الصعبة لدعم الاقتصاد الوطني باقتصاديات متعددة قد تحقق له النهوض المأمول في ظل اهتمام القيادتين الثورية والسياسية بالزراعة والإنتاج والمنتجات الزراعية.

*أستاذ العلوم البيئية والتنمية المستدامة المساعد بجامعة 21 سبتمبر للعلوم الطبية والتطبيقية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى