تقاريرصحافة

حكاية التحرك الشعبي والرسمي لمواجهة المخاطر

أضرار السيول بمديرية ملحان بالمحويت

تظل مديرية ملحان بمحافظة المحويت واحدة من أهم المناطق المنكوبة والمتضررة بسيول الأمطار للعام ٢٠٢٤م، والتي أدت إلى وفاة ٣٥ مواطنا، وجرف عدد من منازل المواطنين.
تسببت الأضرار الناجمة عن الكارثة الطبيعية التي شهدتها بعض مناطق ملحان جراء سيول الأمطار الغزيرة في نزوح داخلي و خارجي، حيث نزحت عدد من الأسر المتضررة، والمهددة بالأخطار إلى بعض المناطق الآمنة في المنطقة نفسها، وتم إيواؤهم في بعض المدارس والجوامع التابعة للمنطقة، وقام أهالي المنطقة بتقديم بعض المبادرات الإنسانية التي عكست مبدأ التكافل الاجتماعي، وفقا لمقدورهم المستطاع، كما قام بعض الأهالي من أبناء ملحان بمحاولات فتح بعض الطرقات حسب استطاعتهم.

اليمن الزراعية – عماد الفقيه

أما على مستوى النزوح الخارجي فقد نزحت ما يقارب 300 أسرة إلى مديرية الخبت، وتم ايواء هذه الأسر في المدارس التابعة للمديرية المضيفة.
ويصف مدير مديرية ملحان غمدان العزكي الكارثة “بالكبيرة”، حيث أدت إلى حدوث أضرار كبيرة، منها انهيار وانجراف أراض زراعية في العزلتين وأيضا في عزل أخرى، وكذلك تهدم منازل وانجرافها بشكل كلي، والبعض تضرر بشكل جزئي، كما تسببت السيول في ردم عدة خزانات، وانفجار خزانات، وكذلك انجراف سيارات، ومواشي، ونحل، لافتا إلى أن حجم الكارثة كبير، حيث تضررت الطرقات الرئيسة والفرعية والخط الازفلتي وانقطاع الخط بشكل كلي .
من جهته يقول شيخ عزلة قبيلة ملحان سليمان أدهم إن ما تعرضت له بعض مناطق ملحان تعد كارثة كبيرة، خلفت أضرارا إنسانية ومادية وسكنية كثيرة، أولها تهدم بعض المنازل على رؤس ساكنيها، مما أدى إلى وفاة الكثير من الأفراد، فيما منازل أخرى لا تزال مهددة بالانهيار، اضافة إلى انجراف الكثير من الأراضي الزراعية الخاصة بالمواطنين، وانعدام معظم ممتلكاتهم الخاصة، مادية وعينية إلى جانب انقطاع الطرق الرئيسة والفرعية وبشكل كلي في المنطقة.
ويتفق مدير عام مكتب الهيئة العامة للزكاة بمحافظة المحويت الشيخ حميد الرضمي مع الطرح السابق حول الأضرار الكبيرة التي لحقت بالمديرية، مؤكدا أن هذه نعمة من الله تعالى، وما على الإنسان أمامها إلا أن يسجد لله حمدا وشكرا.
بدوره يقول المدير التنفيذي لجمعية الخبت التعاونية الزراعية، و عضو المجلس المحلي بالمديرية الأستاذ قاسم عبدالله: ” لقد كانت أياما صعبة على إخواننا في مديرية ملحان، فقد فقدوا كل شيء، وأصبح الناس وكل ما يمتلكونه هنالك في خبر كان”.
ويضيف أن أبناء مديرية ملحان، وعلى الرغم مما حل بهم من كارثة السيول إلا أنهم يستقبلون قضاء الله وقدره بكل ترحاب وسعة صدر .
تحرك رسمي طارئ
و منذ حدوث الكارثة وتلقي قيادة السلطة المحلية بمديرية ملحان بلاغات عنها تحركت السلطات على الفور إلى مناطق حدوثها، متخذة الإجراءات اللازمة.
وفي هذا الصدد يؤكد مدير مديرية ملحان أنه تم تشكيل غرفة طوارئ وتحريك الاسعافات الأولية منذ اللحظات الأولى لوقوع الكارثة، حيث تحرك المجتمع، والوحدات الصحية لعملية الانقاذ والبحث عن المفقودين، بالإضافة إلى وصول اسعافات من المحافظة، وتم نقل المصابين إلى مستشفيات المحافظة والبعض تم نقلهم إلى مستشفيات باجل، وتلا ذلك توجيه الأهالي بالنزوح الى المدارس والمساجد، وكذلك تم التواصل مع فرق الدفاع المدني، وتحشيد فرسان التنمية لادخال المساعدات والتواصل مع القيادة في توفير معدات لفتح الطرقات وعمل مبادرات مجتمعية من قبل الأهالي لفتح الطرقات.
وبخصوص جهود مكتب الهيئة العامة للزكاة بمحافظة المحويت يقول الشيخ الرضمي إنهم قاموا بالتنسيق والتجهيز للمواد الايوائية والاغاثية والسلال الغذائية.
ويضيف: “انطلقنا مباشرة من صباح يوم الأربعاء في تحميل وإيصال المساعدات إلى المناطق القريبة كون الطرقات هنالك مقطوعة، كما تم توزيع فرق مكتب الهيئة المخصصة إلى ثلاث فرق في منطقة همدان، وفرقة في منطقة القبلة، وفرقة في منطقة الخبت للنازحين من مناطق ملحان المحاذية لمديرية الخبت، لافتا إلى أن الجهود الكبيرة بذلها موظفو المكتب، الذين كانوا في استنفار تام لتقديم الخدمات للمتضررين من أبناء ملحان.
ويشير إلى أن المساعدات المقدمة تمثلت في مساعدات نقدية، حيث قدم لكل شخص متوفي، أو مفقود من هذه الكارثة مبلغ (500) خمسمائة ألف ريال، وبلغت بإجمالي 18مليون ريال لعدد (36) شخصا، وكذلك تم تقديم سلال غذائية بعدد (700)سلة غذائية، و(550) بطانية، و(550) مخدات، و (550) فرش و(150) خيمة ايوئية، موضحا أن إجمالي المساعدات بلغت خمسين مليون ريال.
إيصال المساعدات الإغاثية
وبخصوص هذا الموضوع يقول الشيخ الرضمي إن توزيع المساعدات، تم في أول يوم، حملا على ظهور الإبل، وفق رحلات إلى بعض المناطق التي لم تصل إليها الطرقات، و في اليوم الثاني كان هناك مبادرون من أبناء العزل القريبة من هذه المناطق، حيث قاموا بنقلها على ظهورهم، وإيصالها إلى المتضررين، ومواكبة مع فتح بعض الطرقات المقطوعة، كما تم توزيع المساعدات وإيصالها عبر أطقم الأمن، وسيارات بعض المواطنين.
وفي الأيام الأخيرة تم توزيع المساعدات عبر المروحيات العسكرية التي قامت بانزال مساعدات للذين هم عالقون على رؤوس الجبال، ولم نستطيع الوصول إليهم.
أما مدير مديرية ملحان فيقول : “تم ايصال المواد الإغاثية في بدايتها الأولى عن طريق تحشيد فرسان التنمية، والحشد الشعبي والتعبوي في ادخال السلات الغذائية، حملا على الأكتاف، كما كان لقواتنا المسلحة من أفراد ألوية الفتح دورا فاعلا في نقل الغذاء الى المتضررين، وأيضا من خلال قواتنا الجوية التي ساهمت في إيصال المساعدات الإغاثية، وانزال الغذاء للمتضررين لأكثر من مرة. و يواصل: “بعد أن تم فتح بعض الطرقات التي كانت مغلقة تم نقل المساعدات عبر وسائل النقل إلى أماكن قريبة”.
وعلى صعيد متصل يشير الشيخ سليمان أدهم إلى أنه تم إيصال المساعدات الإنسانية والاغاثية تباعا بالتزامن مع فتح بعض الطرقات، لأن صعوبة فتح الطرقات أخر وصول الكثير من المساعدات إلى المناطق المتضررة، كما أن هناك الكثير من المناطق لم تصلها إلى الآن أية مساعدات لعدة أسباب، منها عدم فتح الطرق التي تصل إلى هذه المناطق، وكذلك عدم وجود آلية مناسبة من قبل الجهة المشرفة على توزيع المساعدات الإغاثية، وجدولة الكميات الواصلة من الجهات الداعمة، وفاعلية الخير لتوزيعها عبر خطة تضمن وصولها إلى جميع سكان المناطق المتضررة .
تكاتف مجتمعي
وبرزت صور عدة من التكاتف والتكافل الاجتماعي التي جسدها أبناء المجتمع المحلي والمجاور وأبناء المديريات الأخرى تجاة اخوانهم من أبناء ملحان المتضررين من كارثة السيول.
ويقول الأستاذ قاسم عبدالله إن أبناء المديرية لم يقفوا مكتوفي الأيدي، فقد تم عقد إجتماع طارئ أولا على مستوى عزلة ( نمرة) وبالأخص أهالي قرية (المغربة) الأوفياء الذين جادوا بأغلى ما يملكون.
ولفت إلى أن الشيخ عماد شرف الدين تواصل مع المغتربين الذين لم يقصروا مع إخوانهم من أبناء ملحان المتضررين، ومدوا يد العون والمساعدة لهم، و تكلل ذلك بتجهيز قافلة مساعدات إنسانية عاجلة من أبناء قرية(المغربة) قوامها حوالي مليون ريال، شملت المواد الغذائية، والمفروشات وغيرها، وتم نقلها إلى منطقة العرجين لمساعدة قبيلة ملحان، ثم في الأسبوع الثاني تم تجهيز قافلة مساعدات إنسانية عاجلة تحمل المواد الغذائية عالية الجودة، ومفروشات وأدوات مطبخ وجميع مستلزمات الحياة، وتم نقلها وتوزيعها على النازحين من أبناء ملحان في منطقة (الخواجر) التابعة لمديرية (الخبت).
ويواصل: “لقد هب الجميع في المحافظة، من مواطنين وتجار، ومحسنين في مساعدة إخوانهم، إذ ساهمت جميع مديريات محافظة المحويت في إغاثة النازحين من مديرية ملحان.
مواقف بطولية رائعة
و مثلما كان للتكاتف الرسمي والمجتمعي حضوره السائد في تخفيف معاناة المتضررين من أبناء ملحان فقد كان للجيش اليمني حضوره أيضا.
ويقول الشيخ الرضمي: ” كانت صورة رائعة للجيش اليمني عكست فيها بأنه للمهمات الصعبة، سواء في الحرب، أو التكافل الاجتماعي، أو لإنقاذ المتضررين من الكوارث، أو لإيصال المساعدات.
ويضيف:” لقد جسدو لوحة من التراحم والتكافل الاجتماعي”.
أما الشيخ سليمان فيعبر عن هذا الحضور بقوله : “ما يتعلق بالمواقف المشرفة التي قامت بها قواتنا الباسلة من الجيش، فقد قاموا بمهمة بطولية منذ وقت الكارثة وذلك من خلال التواجد في الأماكن المتضررة والمساعدة في عملية البحث عن المفقودين، وكذا القيام بنقل المساعدات الإغاثية على أكتافهم، مشيا على الأقدام لمسافات طويلة وإيصالها إلى سكان المناطق المنكوبة”.
ويشير العزكي إلى الدور الكبير والعظيم للجيش، حبث جسد معنى الانسانية في أنصع صورها، وهم يحملون الغذاء لإخوانهم على أكتافهم، منوها إلى أن هذه رسالة كبيرة وقوية لمن لم يكن له دور في ذلك، بالرغم من انشغال العسكريين بمهام كبيرة، لكنهم أبوا الا أن يكون لهم مشاركة في ذلك.
ويدعو الشيخ الرضمي قيادة الدولة إلى الاهتمام بمديرية ملحان، وخصوصا من ناحية الطرقات، من شق ورص وإيصالها إلى المناطق التي لم تصل إليها من قبل وحتى الآن .
كما يدعو العزكي الجهات المعنية إلى توفير معدات إضافية لاستكمال فتح الطرقات، وايجاد حلول في تغيير مسارات الطرقات التى على مجرى السيول، وكذلك عمل دراسات طبوغرافية من قبل المختصين لأماكن مهددة للسقوط على بعض المنازل، موضحا أن على المواطنين أن يكون لديهم الوعى في أهمية الالتزام بالتوجيهات التحذيرية من قبل الدفاع المدني، وكذلك في بناء المنازل في القرى وفق مواصفات معمارية هندسية بعيدا عن العشوائية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى