تقاريرصحافة

التعليم الزراعي بين اهمال الماضي واهتمام الحاضر

أكاديميون وطلاب يؤكدون ضرورة زيادة التطبيق العملي الميداني

يعد التعليم الزراعي ركيزة أساسية من ركائز النهوض الشامل بالاقتصاد الوطني، خاصة في الدول التي تعتمد على القطاع الزراعي، ومنها اليمن، وأغلب الدول النامية في العالم، والتي 70% من السكان يعملون بالزراعة.
وتساهم الزراعة في اليمن بحوالي23٪من الناتج المحلي للبلاد، وهذا يعزز الاقتصاد الوطني للبلاد بطريقة مباشرة وغير مباشرة.
والتعليم الزراعي يسهم في تزويد قطاع الزراعة بمخرجات مؤهلة للقيام بتنفيذ المشاريع الزراعية بأساليب علمية، وهو أساس التنمية البشرية، وعامل رئيسي في التنمية الزراعية.

اليمن الزراعية – الحسين اليزيدي

وفي هذا السياق يقول رئيس قسم الاقتصاد الزراعي بكلية الزراعة والأغذية والبيئة بجامعة صنعاء الدكتور خالد قاسم إن هناك أدلة وحقائق واضحة تؤكد وجود مساعِ مبذولة واسعة سواء في اتجاه التوسع بالتعليم الزراعي، أو في اتجاه تعزيز وتطوير القطاع الزراعي، موضحاً أنه قد بدت بوادر الآثار إيجابية مبشرة في المحافظات “الحرة” مقارنة بالمناطق الجنوبية والشرقية الواقعة خارج سيطرة حكومة صنعاء، وهذا ناتج عن الجهود المبذولة من قبل القيادة الثورية تحديداً، بالإضافة إلى الجهود المشكورة من قبل المجلس السياسي الأعلى واللجنة الزراعية والسمكية العليا”.
وفي حين أننا كباحثين نشهد ونزكي ونبارك الجهود الثورية والسياسية في المجال الزراعي برغم العدوان والحصار، الا أننا لا نزال نلاحظ أن التركيز لا يزال مهتماً بالكم والحجم، وليس على الجودة والكيف.

قصور في الوعي
من جانبه يشير عضو هيئة التدريس في كلية الطب البيطري بجامعة ذمار الدكتور إبراهيم الشيباني إلى أن مستوى التحصيل في التعليم الاعدادي الزراعي ومحو الأمية، والتدريب على المهارات الأساسية وخدمات الإرشاد له تأثير مباشر وإيجابي على إنتاجية المزارعين.
ويرى أن البحوث قد أكدت أن المزارع الذي حصل على التعليم الاعدادي الزراعي تكون إنتاجيته أعلى بنسبة 8.7 % في المتوسط، من قرينه الذي لم يحصل على أي قسط من التعليم الزراعي.
وعلاوة على ذلك، فكلما ارتفع مستوى تعليمه، ازدادت أمامه فرص تحقيق دخل من استخدام الأساليب التكنولوجية الجديدة، وازدادت سرعة تأقلمه مع التغيرات التكنولوجية، وهذه الآثار مفيدة للسكان عموماً؛ وبمزيد من التحديد، فإنها تزيد من قدرات سكان الريف.
وينوه الدكتور الشيباني إلى نقص الوعي لدى المواطن اليمني عن أهمية المهندس الزراعي، أو الطبيب البيطري وعدم دراية الآباء والأمهات عن ماهية التعليم الزراعي والبيطري، وبالتالي فهم لا يوجهون أبناءهم للتعليم الزراعي، موضحاً أن هناك قصور في نشر الوعي، والتثقيف الزراعي، من قبل الدولة والجهات الحكومية ذات العلاقة، وغياب الاستراتيجية الزراعية لدى وزارة الزراعة عن احتياج البلد لمخرجات وتخصصات نوعية، وإن وجدت هذه الاستراتيجية والخطط فإنها تظل حبيسة الأدراج ولا تخرج للواقع العملي.
ويرجع الشيباني السبب الجوهري الآخر في عدم وجود فرص عمل لخريجي كليات الزراعة سواء في القطاع العام أو الخاص رغم أن 8.5 مليون من اليمنيين يعملون بالقطاع الزراعي، والحيواني لكنهم يعتمدون في زراعتهم على الطرق التقليدية، وهذا يعتبر قصوراً، والمسؤولة عنه الجهات الحكومية ذات العلاقة.
ويقول إنه يجب على الدولة أن تخطط لتشغيل هؤلاء الخريجين وتدمجهم في سوق العمل وتشجعهم، لأن عدم وجود فرص عمل للخريجين سبب رئيسي لعزوف الطلاب عن الالتحاق بكليات ومؤسسات التعليم الزراعي والبيطري، وكل الأسباب الآنفة الذكر كلها بسبب قلة وعي المواطن و المجتمع.
وفي السياق تقول مي العلي (بكالوريوس كلية الزراعة جامعة صنعاء) أنها تفاجأت بانعدام ميدان العمل للخريجين من كلية الزراعة، حيث وجدت فجوة في الميدان عما يتم تدريسه في المقررات الجامعية.
وتضيف بخيبة أمل أنها لم تجد عملاً حتى الآن، بل وصارت كغيرها من الزملاء في حالة ندم على الالتحاق بكلية الزراعة.
ويؤكد ما قيل سابقاً عمرو الفضيل(يعمل في الإرشاد الزراعي المجتمعي)، حيث يقول: “عندما لاحظنا اهتمام القيادة الثورية بالجانب الزراعي والسعي الحثيث نحو التنمية تقدمت كأغلب الزملاء- للالتحاق بكلية الزراعة ولكن كانت المفاجأة أن الكلية لم تكن على مستوى توقعاتنا، حيث أن المناهج المستخدمة في التدريس قديمة جداً، وبعيدة كل البعد عن البيئة اليمنية، فكان هذا محبط لنا، وبفضل من الله تخرجنا بما لدينا من المعارف والعلوم المكتسبة سوى من الكلية، أو من خلال اطلاعنا وقراءتنا وبحثنا خارج اطار الكلية ويوجد نقص كبير في التطبيق العملي.
ويشير إلى صعوبة الحصول على عمل في القطاع الرسمي، حيث توفقت للحصول على فرص عمل لكي نستطيع أن نخدم هذا البلد ونطور القطاع الزراعي وغالبية الفرص كانت في القطاع الخاص الذي استجاب وتحرك للتوجيهات الثورية بقوة اكثر بكثير من تحرك الجانب الرسمي أو الحكومي الذي يعتبر محبط بشكل كبير -للأسف- ان هذا الشي كان دافعا لي للاستمرار في تعليمي في الدراسات العليا التي اكسبتني المعارف والعلوم التي من خلالها استطيع السعي لحل المشاكل التي تواجه القطاع الزراعي بالبحث العلمي.
بدورها جوى الوزير (طالبة ماجستير في كلية الزراعة بجامعة صنعاء وصاحبة مشروع جوى للصناعات الغذائية) تبدي رأيا مختلفا “استفدت من كلية الزراعة معلومات قيمة ساندتني في مشروعي الخاص بالإضافة إلى أن التحاقي بالماجستير قادني لتحسين مشروعي وأيضاً في الدورات التدريبية التي قدمتها للنساء والجمعيات في مجال الصناعات الغذائية في تدريبهن بأسلوب علمي صحيح.

تحسن ملموس
وتؤكد أن سير التعليم الزراعي ممتاز.. ولكن ينقصه الإمكانيات والأجهزة والمواد لتدريب الطلاب في معامل الكلية.
وتستطرد الوزير: اهم المقررات العلمية التي استفدت منها هي مجال المبيدات ووقاية النبات أيضا كيفية تخزين الحاصلات البستانية وحمايتها من التلف بالإضافة لطرق التصنيع الغذائي بالطرق التقنية الحديثة والتعرف على أضرار المواد الحافظة.
من جانبه يوضح عبدالكريم العامري(طالب في السنة الاخيرة بكلية الزراعة) بإن سير عملية التعليم الزراعي تحسن كثيرا في هذه المرحلة مقارنة بالفترة الزمنية السابقة وهذا التحسن بحاجة للاستمرار في مزيدا من التخطيط والتشبيك بين الجهات ذات العلاقة رسميا وشعبيا لخدمة الاحتياج الميداني الزراعي.
منوها أن ضعف التنسيق والتشبيك بين الجهات ذات العلاقة رسميا وشعبيا أدى لضعف في التطبيق العملي وهذا يؤثر سلبا على الفهم العملي للطالب وهنا بغض النضر عن السلبيات لابد علينا كطلاب أن نهتم بالقراءة والاطلاع لتطوير أنفسنا عبر البحث والاستشارات وعمل التجارب والزيارات للمزارعين والمشاتل لنعيش الميدان العملي الحقيقي.

التعليم البيطري
وعن صعوبات التعليم البيطري يقول الدكتور إبراهيم الشيباني (عضو هيئة التدريس في كلية الطب البيطري بجامعة ذمار): شحة الدعم المالي والموارد المالية من اهم الصعوبات التي تواجه التعليم البيطري، بالإضافة لعدم وجود توافق بين مخرجات التعليم البيطري واحتياج سوق العمل، وعدم وجود وعى بأهمية الطب البيطري في المجتمع، وضعف البحث العلمي وعدم ترجمة الكتب والدراسات الطبية البيطرية ونشرها وإصدار المجلات لرفع المستوى العلمي والمهني لأعضائها.
ويطالب الدكتور الشيباني لضرورة رفع قيمة الأطباء البيطريين المعنوية والمادية والدفاع عن حقوقهم المتعلقة بمزاولة المهنة، والسعي لمنحهم التعويضات التي يستحقونها فيما يتعلق بمخاطر العمل و معاش التقاعد وفق القوانين والأنظمة النافذة- لأنهم معرضون للتهميش وعدم تقدير مهنتهم التقدير المستحق.

هل من حلول؟
وعن الحلول التي بالإمكان أن تنهي جزء من المشكلة يقول رئيس قسم الاقتصاد والإرشاد الزراعي بكلية الزراعة والاغذية والبيئة جامعة صنعاء لدكتور خالد قاسم: لابد من جهود وطنية مشتركة لتوفير الأصول الرأسمالية اللازمة لكليات ومدارس التعليم الزراعي وتحسين كفاءاته, وعقد اتفاقات استثمارية بين الكليات الزراعية والقطاع الخاص, واستحداث تخصصات وبرمج جديدة لجذب الطلاب وتلبية احتياجات سوق العمل المحلي والدولي, وإعداد البرامج التعليمية والبحثية الزراعية وتطويرها بما يضمن توفير فرص العمل لخريجي كليات الزراعة وتعظيم دورهم في مسيرة التنمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى