
سبيل التنمية الزراعية والاقتصادية
تعد الزراعة التعاقدية نظاماً زراعياً حديثاً يعتمد على اتفاق مسبق بين المنتج والمشتري لتوريد محاصيل محددة من حيث الكميات والجودة والسعر خلال فترة زمنية معينة.
ويهدف هذا النظام إلى زيادة كفاءة الاستثمار في الموارد الزراعية، وتحسين دخل المزارعين، وتعزيز فرص الاستثمار في القطاع الزراعي والصناعي، إلى جانب تعزيز القدرة التنافسية للمنتجات المحلية في الأسواق العالمية.
اليمن الزراعية – الحسين اليزيدي
ويوضح مسؤول وحدة الزراعة التعاقدية فؤاد السراجي أن الزراعة التعاقدية تُعد نظاماً زراعياً يعتمد على اتفاق مُلزم بين المنتج والمشتري لتوريد محصول معين بكميات وجودة وسعر متفق عليهما مسبقاً، خلال فترة زمنية محددة.
ويستعرض السراجي الأهداف التي تحققها الزراعة التعاقدية ومنها: زيادة معدل النمو في القطاع الزراعي، ورفع كفاءة استثمار الموارد المتاحة، وتحسين دخل المزارعين ومستوى معيشتهم، كما تسهم في فتح آفاق جديدة للاستثمار في القطاعات الزراعية والصناعية، وتزيد من نسبة التصنيع المحلي للمنتجات الزراعية، وتعزز القدرة التنافسية لهذه المنتجات في الأسواق المحلية والعالمية، مما يسهم في استغلال الفرص المتاحة وزيادة معدلات التصدير.
ويشير إلى أن الزراعة التعاقدية تمثل آلية فعالة لتحقيق التنمية الزراعية وترجمتها على أرض الواقع، وتعد من أفضل الحلول لتطوير نظم التسويق الزراعي، فهي تعمل على تحسين إنتاجية وجودة المحاصيل من خلال توفير مدخلات الإنتاج والدعم الفني والتكنولوجي من قبل الجهات المتعاقدة، ما يعزز توافق المنتجات مع المواصفات المطلوبة من الشركات التصديرية والتصنيعية، كما تسهم الزراعة التعاقدية في خفض تكاليف التسويق عبر التخلص من عمليات الشراء والنقل المتكررة، مما يزيد من أرباح المنتجين ويخفض الأسعار للمستهلكين.
ويذكر أن الزراعة التعاقدية لها عدة مزايا، منها أنها تقلل من الفاقد أثناء عمليات التسويق باستخدام تقنيات حديثة في الزراعة، والجمع، والتعبئة، والتخزين، ما يقلل من النفقات ويزيد من الكفاءة الاقتصادية، كما تسهم في زيادة معدلات التصنيع، حيث تساعد الشركات التصنيعية في الحصول على المواد الخام بالكميات والمواصفات المطلوبة، مما يضمن استمرارية عمليات الإنتاج بأسعار مجزية للمزارعين.
منسق الزراعة التعاقدية
وبحسب المدير التنفيذي لجمعية القطاع الغربي بصنعاء ماجد الجمالي، فإنه يوجد في الجمعيات منسق للزراعة التعاقدية، ومنسقي مجموعات على مستوى القرى والعزل، مشيراً إلى أن الجمعية تولي اهتماماً كبيراً للزراعة التعاقدية، حيث تتضمن مهام منسق الزراعة التعاقدية في الجمعية، و تسجيل المزارعين المهتمين بالانضمام إلى النظام، وجمع البيانات الإنتاجية، والإشراف على منسقي المجموعات الإنتاجية على مستوى القرى، وشرح بنود العقود وآلية العمل، وتوقيع العقود بين المزارعين والجمعية، كما تشمل مهامه زيارات ميدانية لمتابعة سير العمل، وتنظيم برامج تدريبية للمزارعين، والتنسيق في شراء وتوزيع المدخلات اللازمة، ومراقبة الإنتاج لضمان إتباع الممارسات الزراعية الموصى بها، والإشراف على عمليات الحصاد وما بعدها، والتنسيق في عمليات الاستلام والتسليم.
ويضيف: “تتمثل مهام منسقي المجموعات في التواصل مع المزارعين، وإدارة الاجتماعات، وتوعية المزارعين بأهمية الزراعة التعاقدية، واختيار المزارعين المؤهلين، وإعداد خطط زراعية أولية معهم، ورفع الاحتياجات اللازمة للجمعية، كما يقومون بالإشراف على عمليات الزراعة والتدريب، وتنسيق الحصاد، وتسهيل استلام المحاصيل، ورفع التقارير لمنسق الزراعة التعاقدية.
ويقول الجمالي: “يلتزم المزارعون المتعاقدون بزراعة المحاصيل المحددة وفق المساحات المتفق عليها، واتباع الممارسات الزراعية السليمة، والمشاركة في التدريبات والاجتماعات المقررة، كما يتعين عليهم الالتزام ببنود العقد، وإبلاغ المنسقين عن أية مشكلات قد تواجههم، واستخدام المدخلات في إنتاج المحاصيل المتعاقد عليها، وضمان حفظ البذور للمواسم القادمة.
دور الاتحاد التعاوني الزراعي
من جانب متصل يشير الأمين العام للاتحاد التعاوني الزراعي محمد مطهر القحوم إلى أن الزراعة التعاقدية تعتمد على وجود طرفين أساسيين، هما المنتج والمشتري، حيث يتم إبرام اتفاقيات بينهما، والزراعة التعاقدية تضمن شراء المحاصيل الزراعية بكميات ومواصفات وأسعار محددة مسبقًا.
ويوضح القحوم أن الزراعة التعاقدية ستعمل على تنظيم عملية التسويق الزراعي، وتعتبر حلاً فاعلا لمشكلات التسويق التي يعاني منها المزارعون في العديد من الدول، والتي ظهرت دراسات لتقييم سلبياتها وإيجابياتها.
ويرى أن تجربة الزراعة التعاقدية في اليمن بدأت -بفضل الله- في وقت وجيز، حيث تم التعاون بين التجار والجمعيات الزراعية لإبرام عقود لشراء محاصيل معينة مثل التمور والليمون، وفق مواصفات وكميات محددة، منوهاً إلى أن هذه التجربة شهدت نجاحاً ملموساً، خاصة في محافظات الجوف والحديدة، حيث تم توقيع عقود بين التجار والجمعيات التعاونية لإنتاج وتسويق التمور والليمون، ما أدى إلى تحقيق نتائج إيجابية للمزارعين والتجار على حد سواء.
ويبين أن المرحلة المقبلة ستشهد توسعاً في الزراعة التعاقدية لتشمل محاصيل أخرى، مثل الذرة الشامية والسمسم، حيث يجري العمل حالياً على إبرام عقود مع الجمعيات المنتجة والتجار المستوردين لهذه المحاصيل، مؤكداً أن هناك دراسات أعدت حول سلسلة القيمة لهذه المحاصيل، مما يساعد في تحديد مسارات الإنتاج للسوق المحلية والتصدير والتصنيع.
ويسلط القحوم، الضوء على بعض التحديات التي تواجه الزراعة التعاقدية في اليمن، ومنها مشكلات متعلقة بالتجار مثل تصاريح الاستيراد، وكذلك صعوبات يواجهها المزارعون والجمعيات التعاونية الزراعية في مراحل الإنتاج، مبيناً أن تدخلات غير مرغوبة من قبل بعض الوسطاء قد تؤثر سلباً على نجاح العقود بين الجمعيات والتجار، مما يتطلب تدخل السلطات المحلية لضبط السوق، وتعزيز التزام الأطراف المتعاقدة ببنود الاتفاقيات.
ويقول القحوم: “رغم التحديات إلى أن هناك العديد من الإيجابيات، فالزراعة التعاقدية تؤدي لتحسين جودة المحاصيل، وتطوير الممارسات الزراعية، وضمان التسويق للمحاصيل، وتقليل مشكلات الفاقد أثناء عمليات التسويق والنقل، فعلى سبيل المثال، تحدث عن التجارب الناجحة في زراعة وتصدير محاصيل مثل الثوم، حيث أدى الانتقال إلى الزراعة التعاقدية إلى تحسين طرق الحصاد والتجفيف والفرز، مما أسهم في تعزيز الجودة وزيادة العائدات.
ويرى القحوم أن نجاح الزراعة التعاقدية يعتمد على التعاون الوثيق بين الجمعيات التعاونية الزراعية والتجار والمستوردين، مشيداً بدور الشركاء في وزارة الزراعة واللجنة الزراعية في دعم هذه المبادرة.
ويدعو القحوم إلى المزيد من التوعية للمزارعين حول أهمية الالتزام بالممارسات الزراعية السليمة، بما يضمن تحسين الإنتاج وزيادة الكفاءة التسويقية، معرباً عن تفاؤله بمستقبل الزراعة التعاقدية في اليمن.
وفي السياق يؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور يحيى السقاف أستاذ المالية العامة بجامعة صنعاء أن الزراعة التعاقدية تمثل نموذجاً للتكامل الرأسي، حيث يتفق المزارع والمشتري مسبقًا على كمية وسعر محدد للمحصول، مما يوفر للمزارع عائدًا ثابتًا ويضمن تسويق منتجه.
وينوه السقاف إلى أن هذا النظام يسهم في تنمية القطاع الزراعي اليمني عبر زيادة الاستثمار وتعزيز الصادرات، ورفع دخل المزارعين، إضافة إلى محاربة احتكار المحاصيل.
ويشير إلى أن اليمن يمتلك إمكانيات كبيرة نظرًا لتنوع تضاريسها ومواردها الزراعية وبالزراعة التعاقدية سنحقق الاكتفاء الذاتي، إلا أن المساحة المزروعة فعليًا لا تزال محدودة، مما دفع الدولة لتشجيع الإنتاج المحلي ضمن خطط لتحسين الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
وفيما يخص التسويق الزراعي، يذكر السقاف أن هناك تحديات كبيرة، أبرزها ضعف التمويل، وارتفاع تكاليف التسويق بسبب تعدد الوسطاء، مؤكداً على ضرورة تطوير سياسات تسويقية فعالة تواكب زيادة الإنتاج لضمان استدامة لنمو القطاع الزراعي وتحسين العوائد للمزارعين.
القحوم: الزراعة التعاقدية تضمن شراء المحاصيل الزراعية بكميات ومواصفات وأسعار محددة مسبقاً
السراجي: تسهم الزراعة التعاقدية في فتح آفاق جديدة للاستثمار في القطاعات الزراعية والصناعية
الجمالي: يوجد في الجمعيات منسق للزراعة التعاقدية ومنسقي مجموعات على مستوى القرى والعزل
السقاف: اليمن يمتلك إمكانيات كبيرة نظراً لتنوع تضاريسها ومواردها الزراعية وبالزراعة التعاقدية سنحقق الاكتفاء الذاتي