موجهات حكيمة

العناية بالثروة السمكية

تُعد الثروة السمكية من أعظم النعم التي أنعم الله بها على الإنسان، فهي مصدر غذاء صحي غني بالبروتينات والفيتامينات والعناصر الضرورية لنمو الجسم وتعزيز الصحة العامة. كما أن لها دورًا اقتصاديًا مهمًا في دعم الدخل القومي وتوفير فرص عمل لآلاف الأسر التي تعتمد على صيد البحر كمصدر رزق رئيسي.
واليمن، بموقعه الجغرافي المتميز وامتداده البحري الواسع على البحر الأحمر والبحر العربي، يمتلك واحدة من أغنى البيئات البحرية في المنطقة التي تزخر بأنواع متعددة من الأسماك والأحياء البحرية، ما يجعله مؤهلًا لأن يكون من الدول الرائدة في مجال الصيد والتصنيع السمكي.
هذه النعمة العظيمة تتطلب رعاية واهتمامًا بالغين، فالصيد الجائر يهدد استدامة المخزون السمكي، والتلوث البحري يلحق أضرارًا بالغة بالموائل الطبيعية مثل الشعاب المرجانية وأشجار المانجروف، إلى جانب ضعف البنية التحتية ما بعد مرحلة الصيد. لذلك، فإن الاهتمام بمرحلة ما بعد الصيد من حيث التعبئة والتغليف والتصنيع والتصدير أمر في غاية الأهمية، إذ يسهم في رفع جودة المنتج اليمني ومكانته في الأسواق العالمية، ويعزز من مستوى دخل الصيادين ويرفع من إسهام موارد القطاع السمكي في الاقتصاد الوطني.
وفي هذا السياق، تبرز أهمية مفهوم القيمة المضافة، الذي يقوم على تحويل الأسماك من مجرد مواد خام إلى منتجات مصنعة ومتنوعة مثل التونة المعلبة، الأسماك المجمدة أو المدخنة، ودقيق السمك المستخدم في الأعلاف. هذا التحول لا يرفع من العائدات الاقتصادية فحسب، بل يفتح آفاقًا واسعة للتشغيل، ويقلل من الفاقد، ويمنح اليمن ميزة تنافسية في الأسواق الإقليمية والدولية.
ولذلك، لا يقتصر الاهتمام بالثروة السمكية على عمليات الصيد فقط، بل يشمل سلسلة متكاملة تبدأ من حماية البيئة البحرية، مرورًا بتحسين ممارسات الصيد، وصولًا إلى تعزيز القيمة المضافة عبر التصنيع والتسويق والتصدير. ولهذا جاءت موجهات السيد القائد، يحفظه الله ويرعاه، لتؤكد على ضرورة العناية بالأسماك، وإعطائها الأولوية في خطط التنمية من خلال الاهتمام بمرحلة ما بعد الصيد وتطويرها بما يشمل التعبئة والتغليف والتصنيع والتصدير، والاستثمار لها بالشكل الأفضل.
إن العناية بالثروة السمكية واجب ديني ووطني، وهذا يتطلب تضافر الجهود من الدولة والقطاع الخاص والمجتمع. فالاستثمار في هذا القطاع الحيوي، مع التركيز على تعزيز القيمة المضافة، سيحول الثروة السمكية من مجرد مصدر غذاء إلى رافعة حقيقية للاقتصاد الوطني، ويجعل اليمن في موقع متقدم بين الدول المنتجة والمصدّرة للأسماك. إنها مسؤولية الحاضر وفرصة المستقبل، والرهان على البحر هو رهان على حياة أفضل لليمن وأبنائه.

*وزير الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى