
أيمن الرماح
تمثّل الأسواق الموسمية للعسل في الأرياف إحدى أهم المبادرات التنموية التي تعزّز حضور المنتج المحلي وتوفّر منصّة مباشرة تجمع النحالين بالمستهلكين. وتبرز أهمية هذه الأسواق خصوصًا في مناطق الإنتاج الريفية، حيث تتولى الجمعيات التعاونية مهمّة تنظيمها والإشراف عليها بما يضمن جودة العرض وشفافية عمليات البيع.
تلعب الجمعيات دورًا محوريًا في الإعداد لهذه الأسواق؛ فهي تختار مواقع العرض المناسبة، وتوفّر مساحات للنحالين، وتنسّق الفعاليات والأنشطة المصاحبة، كما تمارس دورًا رقابيًا للتحقق من جودة العسل من خلال فحص العينات واعتماد أساليب عرض تحفظ جاذبية المنتج وسلامته. ويسهم هذا الدور التنظيمي في بناء ثقة المستهلك بالعسل المحلي والحدّ من انتشار المنتجات المغشوشة.
وتفتح هذه الأسواق نافذة اقتصادية مهمّة للنحالين والأسر الريفية المنتجة، حيث يوفّر البيع المباشر فرصة لزيادة الأرباح وخفض تكاليف التسويق، إضافة إلى التعريف بالغنى الطبيعي الذي تتميز به مناطق اليمن وأنواع العسل المتعددة مثل السدر والسمر والسلام والضهيه وغيرها من الأشجار والمراعي التي تزخر بها البيئة اليمنية.
كما تشجّع هذه الفعاليات حركة تجارية موسمية تُعيد الحيوية للاقتصاد الريفي.
ولا يقتصر دور الأسواق الموسمية على الجانب التجاري فحسب، بل يتوسع ليشمل إقامة الندوات والورش التوعوية التي تنظّمها الجمعيات بالتعاون مع خبراء في تربية النحل وجودة العسل. وتهدف هذه الفعاليات إلى تطوير مهارات النحالين في مجالات مثل مكافحة الآفات، تحسين طرق الفرز والتخزين، أساليب التغذية الطبيعية، وإدارة المناحل الحديثة. كما تقدّم الندوات معلومات قيّمة للزوار حول أهمية العسل وطرق التمييز بين الأصلي والمغشوش، إضافة إلى تزويد المشرفين على المعرض بأساليب أكثر احترافية في إدارة وتنظيم الأسواق.
وتُعد هذه الندوات والورش منصّة لتبادل التجارب بين النحالين، وتحديث معارفهم، وبناء علاقات تسويقية مع التجار والمصدّرين. كما تسهم في رفع مستوى الوعي العام بقيمة العسل اليمني وتعزيز مكانته في الأسواق المحلية والخارجية.
إن استمرار هذه المبادرات وتكرارها بشكل منتظم سيعزّز من ثقافة الإنتاج الريفي، ويطوّر جودة العسل اليمني، ويرفع القيمة التسويقية للمنتج المحلي، في وقت تتكرّس فيه الجمعيات كرافعة تنموية تسهم في خدمة المجتمع ودعم الاقتصاد الريفي.




