
يصنف المزارعون وخبراء الزراعة المبيدات والأسمدة الآمنة من أهم العوامل المساعدة على زيادة الإنتاج وجودته وخفض تكلفته؛ ولكن ثمة إشكاليات تواجه المزارع والبيئة في السابق متمثلة في وجود مبيدات وأسمدة مستوردة تشكل خطراً على الإنسان والحيوان والنبات والتربة.
اليمن الزراعية – أيمن قائد
ونظراً لتضاعف الإشكالات الناجمة عن المبيدات والأسمدة الضارة المستوردة من الخارج وما تسببه من كوارث بيئية وأضرار صحية، وفي إطار توجيهات القيادة الثورية والسياسية الرامية لتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي، كان لزاماً على اللجنة الزراعية والسمكية العليا إنشاء وحدة متخصصة تقوم بالحد من هذا الضرر والقضاء على الإشكالية بإيجاد الحلول المناسبة.
ففي وقت سابق كانت المؤسسة العامة للخدمات الزراعية عبر هذه الوحدة قد أعلنت عن توفير أسمدة عضوية محلية الصنع ذات فعالية عالية وصديقة للبيئة؛ في خطوة وصفت حينها بالمهمة لما لها من عوائد إيجابية تتمثل في الاستغناء عن الأسمدة والمبيدات المستوردة والمهربة ودورها في انخفاض فاتورة استيراد المبيدات، بالإضافة إلى مميزاتها بحيث تعد آمنة باعتبار مكوناتها عضوية وصديقة للبيئة؛ وهو ما اعتبره الكثير من المزارعين منجزاً من منجزات وحدة الأسمدة والمبيدات المحلية التي تعد ثمرة من ثمار ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر.
وحدة خدمية تنموية
وللتفاصيل والتوضيح أكثر حول طبيعة عمل هذه الوحدة يقول مسؤول وحدة خدمات الأسمدة والمبيدات المحلية في المؤسسة العامة للخدمات الزراعية محمد القديمي إن هذه الوحدة هي خدمية تنموية تُعنى بتعزيز الإنتاج المحلي للأسمدة والمبيدات الزراعية وتركز على تحقيق معايير الجودة والسلامة في الإنتاج مما يسهم في إنتاج منتجات آمنة وفعالة تلبي احتياجات المزارعين وبأسعار مناسبة تمكنهم من الحصول عليها، كما تلعب الوحدة دوراً محورياً في تشجيع المزارعين على استخدام هذه المنتجات، وبالتالي تحسن إنتاجيتهم الزراعية.
أما من حيث نشأة وحدة خدمات الأسمدة والمبيدات المحلية يوضح القديمي عبر صحيفة “اليمن الزراعية” أنها أنشئت ضمن البنية الهيكلية والتنظيمية للمؤسسة العامة للخدمات الزراعية في إطار تنفيذ أهداف وسياسات اللجنة الزراعية والسمكية العليا ووزارة الزراعة كجزء من الجهود الوطنية لتعزيز الاكتفاء الذاتي وتحقيق الأمن الغذائي ، مضيفاً بأن فكرة إنشاء الوحدة جاءت استجابةً لموجهات قائد الثورة -يحفظه الله ويرعاه- وتلبية الاحتياجات المتزايدة للمزارعين للأسمدة والمبيدات الزراعية والاعتماد بشكل كبير على المنتجات المستوردة الضارة.
ولهذا كان من الضروري إنشاء هذه الوحدة لتلبية متطلبات المزارعين وتحقيق الأهداف العامة الرامية في الوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتوفير الآمن الغذائي.
مهام وإنجازات
ولكن قد يتساءل البعض عن ماهية الأعمال التي تقوم بها هذه الوحدة في تحقيق ذلك، حيث يجيب المختص القديمي قائلاً بأن الوحدة تلعب دوراً حيوياً في دعم المصنعين المحليين وتعزيز جودة الأسمدة والمبيدات التي يقدمونها من خلال تقديم الارشادات والتوصيات وتنظيم برامج تدريبية متخصصة، تسهم في تحسين مهارات العاملين في هذا المجال، مما يضمن إنتاج منتجات ذات جودة عالية.
ويشير إلى أن الوحدة تسعى إلى تسويق وترويج منتجات الأسمدة والمبيدات المحلية بشكل فعال، مما يعزز من فرص استخدامها من قبل المزارعين ليس فقط بدعم الاقتصاد المحلي فحسب بل ويساهم في نجاح المزارعين وزيادة إنتاجيتهم، مضيفاً أن الوحدة تقدم الدعم الفني للمزارعين، مما يضمن لهم الوصول إلى المعرفة والخبرة اللازمة لمواجهة التحديات التي قد تواجههم.
وبخصوص الإنجازات التي حققتها الوحدة خلال المرحلة السابقة ومنذ النشأة يقول القديمي بأن الوحدة عملت على احتواء عدد ١٢ مصنعاً، ومبتكراً في إطار الوحدة كمرحلة أولى، متبعاً بأن الوحدة تمكنت من تقديم 31 نوعًا من المنتجات، تشمل (19) نوعاً من الأسمدة والمخصبات العضوية و(12) مبيداً طبيعياً آمناً، وهذه المنتجات ليست فقط محلية الصنع، بل تعتمد على مكونات نباتية آمنة، مما يجعلها بديلاً فعالًا وصديقًا للبيئة عن الأسمدة والمبيدات الكيميائية المستوردة.
كما حققت الوحدة زيادة ملحوظة في كمية الأسمدة والمبيدات المنتجة محليًا حيث تم إنتاج كمية (٢٩٤٠٠) لتر من الأسمدة والمبيدات السائلة وكمية (٥٧٩.٥) طن من الأسمدة والمخصبات البودر والصلبة.
ومن ضمن الإنجازات يتابع القول بأن الوحدة عملت على توعية المجتمع في استخدام المنتجات المحلية من خلال تنفيذ زيارات ميدانية لمهندسي الوحدة إلى الحقول الزراعية وتنفيذ الحقول الايضاحية وتعريف المزارعين بأهمية المنتجات المحلية وطرق استخدامها.
بالإضافة للتوسع في أنشطة الوحدة من خلال تدريب منسقين للوحدة في الجمعيات التعاونية الزراعية، حيث تم تدريب ما يقارب (٣٥) منسق للقيام بدور الوحدة في (١٣) جمعية زراعية كمرحلة أولى، مؤكداً أنه في القريب العاجل سوف يتم زيادة عدد المنسقين والجمعيات الزراعية التي سيتم فتح نقاط بيع لمنتجات الأسمدة والمبيدات المحلية لغرض تسويقها للمزارعين عبر الجمعيات التعاونية الزراعية.
وكما تعمل الوحدة على اعتماد معايير فنية ترفع جودة منتجات الأسمدة والمبيدات المحلية.
آلية العمل
وعن الطريقة أو آلية العمل الذي تقوم به الوحدة من أجل الوصول لتحقيق أهدافها يشير الأستاذ محمد حمود إلى أن الوحدة تعتمد على التعاون مع المصنعين المحليين ودعمهم ومساندتهم مالياً وفنياً وتسويق منتجاتهم عبر قنوات البيع المعتمدة وتشجيع المزارعين على استخدام المنتجات المحلية الفعالة والآمنة من خلال تنفيذ الحقول الايضاحية للمنتجات، وأن الوحدة تعمل على إقامة شراكات مع المؤسسات المحلية والجمعيات التعاونية الزراعية لتسويق هذه المنتجات ونشر الوعي حول فوائدها بالإضافة إلى ذلك تركز الوحدة على البحث والتطوير لإنتاج بدائل محلية آمنة وتقليل فاتورة الاستيراد للمنتجات المستوردة الضارة.
وبطبيعة الحال وكما هو الحاصل في أي مؤسسة أو منشأة ما؛ فإنه لابد من وجود تحديات وصعوبات لاسيما واليمن يعيش في ظل الحصار الخانق الذي تفرضه قوى الشر والإجرام لأكثر من 9 أعوام ناهيك عن السياسات التدميرية للأنظمة السابقة.
ولذا فإن الوحدة والإنتاج المحلي بشكل عام تواجه المشاكل التي من أبرزها نقص التمويل، وقلة الموارد المتاحة لدعم مشاريع إنتاج الأسمدة والمبيدات المحلية، كما أن قلة الوعي بمخاطر المنتجات المستوردة، التي قد تكون ضارة بالصحة، تزيد من الاعتماد على هذه المنتجات بدلاً من دعم البدائل المحلية الآمنة؛ حسب القديمي.
ولكن ومع وجود الإرادة القوية الصلبة والموجهات الوطنية المتواصلة مع الاهتمام والمتابعة؛ فإن كافة التحديات تتحول إلى فرص تجعلها تتغلب على جميع الإشكالات مهما كانت حجمها.
وعن الخطط المستقبلية في تطوير عمل الوحدة يذكر القديمي جملة من الخطط أبرزها توسيع الإنتاج المحلي ليشمل أنواعاً جديدة من الأسمدة والمبيدات المحلية الفعالة خلال العام 1446 هـ ، والتوسع في أنشطة الوحدة وبناء منسقين ومهندسين للوحدة في عدد من الجمعيات التعاونية الزراعية لتقديم الخدمات وتلبية احتياجات المزارعين ، وكذا الاستمرار في تنفيذ حملات توعوية للمزارعين وتعريفهم بالمنتجات المحلية ، بالإضافة إلى العمل على انشاء مجمع صناعي نموذجي لاحتواء المصنعين وإنتاج كميات تلبي الطلب المحلي وفق المواصفات العالمية ، كذلك الاستمرار في تمكين الإنتاج المحلي ومشاريع المصنعين والمبتكرين المحليين.
ويؤكد القديمي بأن هذه المنتجات ستسهم بشكل كبير في تخفيض فاتورة الاستيراد وتحقيق الاكتفاء الذاتي بإذن الله، داعياً المزارعين إلى الاستفادة من الأسمدة والمبيدات المحلية كونها مصنعة من مواد عضوية طبيعية ولها تأثير فاعل.
كما يدعو جميع المستثمرين والمصنعين للعمل والاستثمار في هذا المجال كون توجه القيادة والوحدة نحو دعم وتهيئة الظروف التي تشجع على الاستثمارات المحلية وتساهم في بناء اقتصاد قوي ومستدام.