قصص نجاح

بلال يحوّل حلم الطب البيطري إلى واقع

من جبال ريمة إلى سوق سهول تهامة..

اليمن الزراعية – محمد حاتم

في ريف محافظة ريمة، وتحديدا في مديرية الجبين – قرية شاحط، وُلد بلال محمد يحيى غالب شاحط، ونشأ على بساطة الحياة وقيم العمل والاعتماد على الذات. منذ أن كان في العاشرة من عمره، انتقل مع والده وأسرته إلى محافظة الحديدة، وهناك بدأ مسار جديد من حياته سيقوده لاحقًا إلى النجاح المهني.
في عام 2022، قرر بلال الالتحاق بالمعهد التقني الزراعي في سردود، استجابة لدافع شخصي وتشجيع قوي من والده الذي يعمل كدكتور بيطري ناجح ويمثل له القدوة والمُلهم. كانت تلك الخطوة بمثابة بداية التحول الحقيقي في حياته.
ورغم كونه متزوجا وأبا لأربعة أبناء (ثلاث بنات وولد)، لم يتردد بلال في خوض غمار التعليم من جديد. عاش تجربة السكن المتواضع في بيت أحد زملائه بمدينة الحديدة، وتحمل الصعوبات المعيشية وظروف انقطاع المرتبات. لكن عزيمته لم تفتر، بفضل دعاء والدته ودعم والده الذي تكفّل بمصروفاته الشخصية وأعباء أسرته أثناء الدراسة.
دامت الدراسة في المعهد عامين، تميزت بالالتزام من قبل هيئة التدريس والعمادة، التي رغم الإمكانيات المحدودة، بذلت جهدًا كبيرًا لإنجاح العملية التعليمية. وحتى المناهج، كان الطلاب يتعاونون مع زملائهم في صنعاء للحصول عليها وتوفيرها ذاتيًا.
بعد التخرج، لم ينتظر بلال فرصة عمل حكومية أو وظيفة تأتي من بعيد. بل بادر إلى تحويل حلمه إلى مشروع. باع باص “هايس” كان يملكه، واستأجر محلًا في سوق المراوعة – المعروف بـ”المجلاب”، حيث تُباع الماشية وتُشترى. هناك افتتح صيدلية بيطرية، وبدأ مشواره العملي. حصل على الأدوية والمستلزمات البيطرية من الدكتور فاضل العامري، الذي منحه الثقة وسمح له بالدفع المؤجل على دفعات أسبوعية.
اليوم، أصبح بلال معروفًا في السوق بثقته ومهنيته، وأمانته في التعامل، وحرصه على تشخيص الحالات بدقة، والأهم من ذلك: مراعاته لأوضاع المزارعين البسطاء الذين لا يملكون الكثير. دعمه والده في التعريف به بين المزارعين والمربين، وساعده على بناء شبكة علاقات قوية.
بلال لم يُولد في المدينة، ولا وُلد وبين يديه مشروع ناجح، لكنه صنع كل شيء بنفسه، بتوفيق الله، ثم بعلمه، وجهده، وتخطيطه، وإصراره.
وعن شعوره عند افتتاح صيدليته يقول بلال:
“كان شعورًا لا يوصف، شعرت أني بدأت أقطف أولى ثمار جهدي، ليس لنفسي فقط، بل لعائلتي، ولكل من شجعني وآمن بي.”
بلال محمد شاحط هو اليوم نموذج مُلهم لخريج التعليم الفني الزراعي الذي لم يستسلم للظروف، بل حوّلها إلى فرص، وفتح لنفسه أبواب الرزق والنجاح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى