قصة نجاح أحمد الحاج في قلب القطيع

مــن رعـــي الأبقــار إلــى ريـادة العمـل الريفــي
اليمن الزراعية – أيوب هادي
في أجواء الريف الهادئة بمديرية القطيع بمحافظة الحديدة، يكتب الشاب أحمد بن أحمد الحاج فصلاً فريدًا من قصص النجاح التي تستحق أن تُروى. قصة بطلها عزيمة لا تنكسر، وإصرار على تحويل البساطة إلى مشروع حياة ومستقبل مزدهر.
بدأت رحلة أحمد من قلب الأرض، حيث اعتاد منذ طفولته رعي الأبقار، تلك المهنة التي تمرّدت عليها قسوة الحياة، لكنها كانت دوماً مصدر رزقه وعائلته. في وقت يبتعد فيه كثير من الشباب عن الأرض بحثًا عن فرص في المدن أو خارج الوطن، قرر أحمد أن يواجه التحديات بتلك الوسائل المتاحة لديه: أبقار السلالات المحلية التي عرفها جيدًا وعشقها.
لم تكن تربية الأبقار مجرد عمل عابر بالنسبة له، بل كانت رسالة: الحفاظ على الثروة الحيوانية الوطنية، ودعم البيئة المحلية التي تعرفها أبقاره وتتأقلم معها. بدأ مشروعه الصغير بعدد محدود من الأبقار، لكنه كان يحمل حلمًا كبيرًا: تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتأمين دخل مستقر يعزز من حياة أسرته ويدعم مجتمعه.
اليوم، يمتلك أحمد ثمان بقرات من السلالات المحلية الأصيلة، ينتج منها نحو 30 لترًا من الحليب يوميًا، يتم جمعها وتسويقها عبر جمعية “الإكتفاء” في مديرية المراوعة، التي وفرت له ولغيره من صغار المربين قنوات تسويقية مستقرة تضمن لهم استمرارية المشروع.
يقول أحمد بابتسامة واثقة: “اخترت البقر المحلي لأنني مؤمن بأن دعم هذه السلالات هو دعم لأرضنا وتراثنا. السلالات المستوردة قد تبدو مغرية، لكنها لا تتناسب مع ظروفنا البيئية.”
بهذا الوعي، يخصص أحمد جزءًا من أرباحه لتوفير الأعلاف الجيدة وتحسين ظروف تربية الأبقار، مما انعكس إيجابًا على جودة الحليب واستمرارية الإنتاج.
قصة أحمد الحاج ليست مجرد نجاح شخصي، بل نموذج حي يشجع الشباب الريفي على العودة إلى جذورهم، ويُبرز كيف يمكن للإرادة والتخطيط أن يحولا أبسط الموارد إلى مشاريع منتجة ومستدامة، تعزز الأمن الغذائي، وتدعم الاقتصاد المحلي، وتعيد الأمل إلى القرى والمجتمعات التي تئن تحت وطأة التحديات.
في زمن تتقاطع فيه الأزمات الاقتصادية والبيئية، تظل قصص مثل قصة أحمد حكايات مضيئة تذكرنا بأن النجاح يبدأ دائمًا بخطوة صغيرة، وإيمان عميق بأن العمل الجاد يُثمر رغم كل الصعاب.