
عبد الحميد صلاح
لم يكن الشهيد الدكتور رضوان الرباعي، وزير الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية، مجرد مسؤول إداري عابر، بل كان حاملًا لرؤية تتجاوز حدود الوظيفة إلى مشروع وطني يعيد إحياء روح التعاون التي ميّزت اليمنيين عبر تاريخهم. فقد آمن بأن قوة المجتمعات الزراعية والسمكية لا تقوم على الجهد الفردي وحده، بل على تلاحم الأيدي وتكامل الجهود في إطار عملٍ تعاوني منظم، يعيد للريف والساحل حيويتهما، ويضمن للناس كرامتهم.
كان الرباعي يرى في الجمعيات التعاونية الزراعية والسمكية مدارسَ حقيقيةً للتنمية، لا مجرد هياكل شكلية؛ لذلك دفع نحو إعادة تفعيلها وتزويدها بالخبرات والدعم، لتكون الحاضن الأول للمزارعين والصيادين. ومن خلال هذه الرؤية، لم يقتصر عمله على تقديم الدعم المباشر، بل أسس لنهج تشاركي يجعل المنتجين أنفسهم شركاء في القرار، وأصحاب دور فاعل في رسم السياسات التي تمس حياتهم اليومية.
وفي زمنٍ عصيب، كانت فيه البلاد تواجه أزمات معقدة، أصرّ الشهيد على أن يظل صوت المزارع البسيط والصياد الكادح حاضرًا على طاولة القرار. كان ينزل إلى الميدان، ويشاركهم همومهم، ويدفع باتجاه مشاريع جماعية، مثل صناديق التمويل التعاوني، والتخزين المشترك، وتسويق المنتجات عبر جمعياتهم، لتقليل استغلال الوسطاء، وضمان وصول الفائدة إلى المنتج الحقيقي.
لقد جسّد الدكتور رضوان الرباعي، بفكره وسلوكه، نموذج القائد الذي يضع مصلحة الجماعة فوق نزعات الفرد، مؤمنًا بأن التعاون هو السبيل لمواجهة التحديات، وأن بناء الوطن يبدأ من القاعدة الشعبية التي تحمل على أكتافها همّ الزرع والبحر. ورغم رحيله شهيدًا، يبقى إرثه التعاوني شاهدًا على مشروع وطني أصيل يستحق أن يُستكمل، وأن يتحول إلى ثقافة عامة تُعيد للمجتمع قوته وصلابته.
رحم الله الشهيد الدكتور رضوان الرباعي، وزملاءه الشهداء، ورئيس حكومة التغيير والبناء أحمد غالب الرهوي، الذين جعلوا من التعاون منهجًا، ومن العطاء رسالة، وأسكنهم فسيح جناته.
رئيس الاتحاد التعاوني السمكي




