
زراعةُ النخيلِ في الجوف
تُعدُّ محافظةُ الجوف واحدةً من أهمِّ المحافظاتِ الزراعيةِ في اليمن، حيث تتوفرُ فيها بيئةٌ ومناخٌ ملائمانِ لزراعةِ النخيلِ وإنتاجِ التمورِ ذاتِ الجودةِ العالية، وقد شهدت السنواتُ الأخيرةُ توسعًا ملحوظًا في زراعةِ النخيلِ، مدفوعًا بالاهتمامِ الرسميِّ والدعمِ الذي حظيَ به هذا القطاعُ، ممّا أسهمَ في تعزيزِ فرصِ المزارعينَ واستقطابِ المستثمرينَ.
اليمن الزراعية: خاص
ويشيرُ المزارعُ بكيل بن ثيبة، أحدُ روّادِ زراعةِ النخيلِ في محافظةِ الجوف، إلى أن المشاريعَ الزراعيةَ في المنطقةِ شهدت توسعًا كبيرًا في زراعةِ النخيلِ، وذلك بعد الاهتمامِ الكبيرِ من الجهاتِ المعنيةِ بشراءِ المنتجِ المحليِّ من تمورِ الجوف، مؤكداً أن هذا الدعمَ ساهمَ في منعِ انتشارِ المنتجِ الخارجيِّ، حيث قام المستوردون بشراءِ كمياتٍ كبيرةٍ من التمورِ المحليةِ، ممّا عزّزَ من فرصِ نجاحِ المزارعينَ المحليينَ وزيادةِ إنتاجهم.
وبين أن المزارعينَ تمكنّوا من توسيعِ مشاريعهم الزراعيةِ بشكلٍ كبيرٍ، ونقلةً نوعيةً في الإنتاجِ في هذا المجالِ، مستفيدينَ من الأرضيةِ الشاسعةِ والخصبةِ في الجوفِ، والتي تعتبرُ من أفضلِ الأراضيِ الزراعيةِ لزراعةِ النخيلِ بعد أن كانت مخصّصةً لمحاصيلَ أخرى، مشيراً إلى أن الاهتمامَ بالمنتجِ المحليِّ أدّى إلى زيادةٍ كبيرةٍ في إنتاجيةِ النخيلِ، حيث شهدت المشاريعُ الزراعيةُ نموًّا بنسبةِ 50% خلالَ الربعِ الأولِ من العامِ، ما جعلَ زراعةَ النخيلِ في الجوفٍ مشروعًا مثمرًا ومربحًا للمزارعينَ.
رؤيةُ مكتبِ الزراعةِ وتوجُّهاتٌ مستقبلية
من جهته يقول مديرُ الإنتاجِ النباتيِّ بمكتبِ الزراعةِ بمحافظةِ الجوف أحمد كزمان إن الجوف تُعدُّ من أهمِّ المحافظاتِ المنتجةِ للتمورِ في اليمن، نظرًا لتوفرِ المناخِ المناسبِ، والمساحاتِ الزراعيةِ الخصبةِ، والمياهِ الكافيةِ، مؤكداً أن هذه المقوّماتِ تجعلُ المحافظةَ مؤهَّلةً لتحقيقِ الاكتفاءِ الذاتيِّ من التمورِ الفاخرةِ وإمكانيةِ التصديرِ في حالِ استمرارِ التوسّعِ الزراعيِّ وتوفيرِ الدعمِ اللازمِ.
ويوضّحُ كزمان أن هذا الاهتمامَ جذبَ مستثمرينَ جددًا في مجالِ زراعةِ النخيلِ خلالَ هذا العامِ، حيث تمت زراعةُ مساحاتٍ كبيرةٍ بأصنافٍ مميزةٍ أُدخلت حديثًا إلى البلادِ، مثل: الصقعي، البرحي، السكري، المجدول، والخلاص، مشيراً إلى أن هذه الأصنافَ لم تكن موجودةً سابقًا، وقد شجّعتِ المزارعينَ على التوسعِ نظرًا لقيمتها الشرائيةِ العاليةِ وربحيتها الجيدةِ، لافتاً أن زراعةَ النخيلِ منتشرةٌ في جميعِ مديرياتِ الجوفِ بنسبٍ متفاوتةٍ، لكنها تتركّزُ بشكلٍ أكبرَ في مديرياتِ: خبّ الشعف، السيل، والحزم.
ويؤكدُ كزمان أن مكتبَ الزراعةِ بالجوفِ يعملُ على تنفيذِ عدّةِ خططٍ تهدفُ إلى التوسّعِ الكبيرِ في زراعةِ النخيلِ، ومن أبرزها:
- إنتاجُ فسائلَ الأصنافِ الممتازةِ: من خلال إنشاءِ مشتلٍ على مستوىِ المحافظةِ والمديرياتِ لتوفيرِ الفسائلِ بأسعارٍ مناسبةٍ، إذ يُعدُّ عدمُ توفّرِ الفسائلِ العائقَ الأبرزَ أمامَ التوسّعِ، حيث قد يصلُ سعرُ الفسيلةِ لبعضِ الأصنافِ إلى 60–70 ألفَ ريالٍ.
- تقديمُ الدعمِ الفنيِّ للمزارعينَ: عبرَ خبراءِ ومستشارينَ متخصصينَ لضمانِ تحسينِ الجودةِ وزيادةِ الإنتاجيةِ.
- تحسينُ فرصِ التسويقِ: من خلال الترويجِ للتمورِ وفتحِ أسواقٍ جديدةٍ.
- تقديمُ التسهيلاتِ للمستثمرينَ: لتشجيعِ الاستثمارِ في هذا القطاعِ وتعزيزِ التوسّعِ المستقبليِّ.
ويؤكدُ أحمد كزمان أن محافظةَ الجوفِ تمتلكُ مقوّماتٍ طبيعيةً وبشريةً تجعلُها مؤهّلةً لتكونَ رائدةً في إنتاجِ التمورِ، منوهاً إلى أن الجهودَ الحاليةَ من قبلِ مكتبِ الزراعةِ والمستثمرينَ تُسهمُ في تعزيزِ هذا القطاعِ وتوفيرِ فرصٍ تنمويةٍ مهمةٍ للمزارعينَ والاقتصادِ المحليِّ على حدٍّ سواءٍ.
الزراعة التعاقدية وتنظيم التسويق
من جانبه يؤكدُ المهندسُ فؤاد السراجي، مسؤولُ الزراعةِ التعاقديّةِ في وزارةِ الزراعةِ والثروةِ السمكيةِ والمواردِ المائيةِ، أن الزراعةَ التعاقديّةَ أسهمت بدورٍ محوريٍّ في تنظيمِ موسمِ حصادِ التمورِ بمحافظةِ الجوفِ، والذي يُعدُّ من أبرزِ المواسمِ الزراعيةِ في مديريةِ خبّ والشعفِ.
ويشيرُ السراجي إلى أن الوزارةَ عملت على وضعِ آليةٍ لتنظيمِ التسويقِ من خلال توقيعِ عقودٍ مسبقةٍ بين الجمعيةِ الزراعيةِ والتُجّارِ قبلَ بدءِ الموسمِ، بما يحدّدُ الكمياتِ والأسعارَ والمواصفاتِ، وهو ما يضمنُ استقرارَ السوقِ وحمايةَ حقوقِ الطرفينِ، موضحاً أن لجنةً مشتركةً من وزارةِ الزراعةِ والاتحادِ التعاونيِّ الزراعيِّ وممثّلينَ عنِ التُجّارِ نزلت إلى الميدانِ لتنظيمِ عملياتِ الجمعِ والنقلِ والتخزينِ عبرَ شبكةٍ لوجستيةٍ متكاملةٍ، بالتنسيقِ مع الجمعيةِ ومكتبِ الزراعةِ في محافظةِ الجوفِ، وهو ما ساعدَ على رفعِ كفاءةِ إدارةِ الموسمِ.
ويبيّنَ السراجي أن الكمياتِ التي تمَّ تسويقُها عبرَ الزراعةِ التعاقديةِ حتى اليومِ تجاوزتْ 250 طنًّا، مع توقّعاتٍ بأن تصلَ الكميةُ إلى 700 طنٍّ خلالَ الموسمِ الجاريِّ، بنسبةِ نموٍّ تُقدَّرُ بـ 15% مقارنةً بالعامِ الماضيِ، وذلك نتيجةَ تحسّنِ الظروفِ المناخيّةِ، وزيادةِ المساحاتِ المزروعةِ، وارتفاعِ وعيِ المزارعينَ بأهميةِ الزراعةِ التعاقديةِ، فضلًا عن الدورِ البارزِ للجمعيةِ في إنجاحِ التجربةِ.
ويؤكدُ أن تفاعلَ التُجّارِ كان لافتًا هذا الموسمَ، حيث بلغَ عددُ العقودِ الموقَّعةِ حتى الآن أكثرَ من 28 عقدًا بكميةٍ إجماليةٍ تصلُ إلى 1300 طنٍّ، وهو ما يعكسُ الثقةَ المتزايدةَ بجودةِ تمورِ الجوفِ ونجاحِ نموذجِ الزراعةِ التعاقديةِ، مشيراً إلى أنَّ الزراعةَ التعاقديةَ تُعَدُّ مَدخَلًا رئيسيًا لتحقيقِ التنميةِ الزراعيةِ المستدامةِ، إذ تسعى إلى إدارةِ فاتورةِ الاستيرادِ واستبدالِها بمنتجاتٍ محليةٍ تتمتّعُ بميزةٍ تنافسيّةٍ أمامَ المنتجاتِ الخارجيةِ.
بن ثيبة: الاهتمامُ بالمنتجِ المحليِّ يسهمَ في رفعِ إنتاجيةِ النخيلِ بشكلٍ كبيرٍ
كزمان: نعملُ على توفيرِ فسائلَ الأَصنافِ الممتازةِ، وتقديمِ الدعمِ الفنيِّ، وتحسينِ فرصِ التسويقِ
السراجي: الزراعةُ التعاقديةُ تُعَدُّ مدخلاً رئيسيًا لتحقيقِ التنميةِ الزراعيةِ المستدامةِ

