إرشاداتصحافة

شهيد التنمية والجبهة الزراعية

م. سعد محمد خليل

أكتب وقلمي يرتجف تحت وطأة الحزن، وكلماتي تنزف من أعماق الجرح، بعد أن هزّت قلوبنا جميعًا تلك الجريمة الغادرة التي ارتكبها الكيان الصهيوني باغتيال رئيس الوزراء أحمد الرهوي ورفاقه، عليهم سلام الله.
فكانت الفاجعة كالسيف النازل على صدر أمةٍ مثخنة بالجراح، ولحظة قاسية تنطق فيها الأرض بالأنين، وتبكي فيها السماء دمًا على رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
أنتقي العبارات ثم أحذفها، وأكتب الكلمات ثم أرتبها، ولا أخفي أن دمعي كمداد قلمي لا يتوقف، فوالله ما بكيت كما أبكي الآن عظماء اليمن الذين ضخوا بدمائهم الزكية فداءً لمستضعفي الأمة.
كنت، يا شهيدنا، في مقام المعلم المرشد، الناصح العزيز، العظيم. لقد علمتنا أن الرجال يُعرفون عند اشتداد المحن، وأن القلوب البيضاء لا تلوثها الأحداث والمتغيرات، ولا ظلمات الطغاة.
لقد كنتَ لنا أبًا ومعلّمًا ومرشدًا، غرست في نفوسنا بذور القيم، وسقيتنا من نبع الصدق والإيمان، حتى صرت أرى فيك المثال الأعلى للإنسان الذي لا تُغريه المناصب، ولا ترهبه المتغيرات، بل يبقى ثابتًا على العهد، متمسكًا بالحق، متوشحًا بالشجاعة والإباء.
واليوم، حين ألقت الأقدار خبر استشهادكم من قبل العدوان الصهيوني المجرم، لتكون شهيدًا على طريق القدس، ما هذا الشرف والمقام العظيم الذي نلته!
فهنيئًا لك ولكل رفاقك من القادة العظماء.
ولكن آثـارك لا زالت باقية ومحفورة إلى أن تقوم الساعة أو ننال إحدى الحسنيين (النصر – الشهادة).
تركتَ فينا مسؤولية جسيمة في وقتٍ فارق، نشعر بثقل اللحظة وألمها، ونشعر كذلك أن مسؤوليتنا أكبر من كل مناصب الدنيا، وأن روحك المجاهدة الطاهرة علمتنا ألا نُساوم أو نضعف مهما كانت التحديات، ومنحتنا العزيمة والتوكل على الله في كل الأمور، وفي كل المراحل والموجهات.
وكما عرفناك في عملك الميداني، فارسًا من فرسان الصدق، ورجلاً من رجال الله الذين لم يُبدّلوا تبديلاً، يحملون جراح أمتهم في صدورهم، ويصنعون من الألم قوة، ومن الحزن عزيمة.
إنها أيام عظيمة في ابتلائها، قاسية في امتحانها، لكنها تصنع الرجال الكبار الذين يُخلّدهم التاريخ.
واسمك، يا شهيدنا، سيظل محفورًا في ذاكرة كل من عرفك، ليس بمنصب أو لقب، بل بمواقفك التي لا تُشترى ولا تُباع، وبقلبك الأبيض الذي ما عرف الحقد، وبنضالك الطويل الذي لم يكلّ ولم يملّ.
يا شهيدنا الغالي على قلوبنا، ثق كل الثقة أننا على النهج سائرون وماضون، وأن الله معنا وسينصرنا في الشدائد، ولن يتركنا وحيدين في هذه اللحظة الحساسة، بل سيُحيطنا بلطفه، ويقوّينا بنوره، ويثبتنا بالقول الثابت في الدنيا والآخرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى