تقاريرصحافة

الحمضيات بين الفخر والتحدي

جـودة عالمية وإنتـاج يواجه الإهمال

اليمن الزراعية: الحسين اليزيدي

يواصل المزارعون في عدد من المحافظات اليمنية جهودهم للحفاظ على زراعة الحمضيات في بلادنا رغم التحديات المتراكمة مثل ضعف التسويق وغياب الإرشاد الزراعي وافتقار البنية التحتية.
ويعد قطاع زراعة الحمضيات واعداً في ظل الطموح في التوسع وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وهنا تتجلى قصة الزراعة اليمنية بين الأمل والمشقة، كما يرويها المزارعون في الميدان والجمعيات الزراعية والجهات الرسمية المعنية.
وفي السياق يقول المزارع شاجع الشريف وهو من مديرية المتون بمحافظة الجوف إن اليوسفي الجوفي أثبت تفوقه في الأسواق العالمية من حيث الطعم والجودة والنكهة، مضيفاً أن منتجهم من أجود الأنواع التي نافست الحمضيات المصرية والعراقية والسورية، مشيراً إلى أن ثمار الجوف خرجت إلى الأسواق الدولية بمستوى غير مسبوق جعلها تحظى بسمعة طيبة بين المستوردين والمستهلكين.
ويعبر الشريف عن أسفه العميق لتدهور أوضاع مزارعي البرتقال، الذين يواجهون – بحسب تعبيره – معاناة شديدة وإهمالاً واضحاً من الجهات الرسمية، موضحاً أن وزارة الزراعة لم تتمكن من تنظيم عملية التسويق أو وضع آلية تحمي المزارع من الخسائر وتقلبات السوق، فغياب الرقابة والتنسيق جعل الأسواق تُدار بطريقة عشوائية، ما أضر بالمزارعين وأفقدهم الثقة في قدرتهم على الاستمرار في الإنتاج.
ويبين الشريف أن المزارعين يمتلكون إرادة قوية للتوسع الزراعي إذا ما وجدوا الدعم والتوجيه المناسب، معتبراً أن الزراعة أصبحت اليوم جبهة اقتصادية لا تقل أهمية عن أي جبهة أخرى، مؤكداً أنه لو حافظنا على إنتاجنا وجودته، فسيكون هو العملة الصعبة لبلدنا، بديلاً عن الدولار، وسنتمكن من تصدير منتجاتنا واستيراد ما نحتاجه من خلال إنتاجنا الوطني.
وفي حديثه يوجّه الشريف تحية سلام للشهيد الدكتور رضوان الرباعي، واصفاً إياه بأنه رمز للنهضة الزراعية ورجل قدّم الكثير للمزارعين في الجوف، مشيراً إلى جهوده الكبيرة في توفير البرادات وتنظيم التصدير العام الماضي.
ويدعو قيادات وزارة الزراعة إلى مواصلة ما بدأه الدكتور الرباعي، والعمل بجدية لتمكين المزارعين من تحسين إنتاجهم وتسويقهم بما يعزز الاقتصاد الزراعي الوطني.
غياب الخدمات الزراعية الأساسية
من جانبه، يعبّر الشيخ حسين صالح الضماء أحد مزارعي الحمضيات في صرواح عن تجربته التي وصفها بالناجحة رغم الصعوبات التي تواجه المزارعين في المنطقة، مشيراً إلى أنه قام بزراعة البرتقال واليوسفي بمختلف أنواعهما، وأن من أبرز الأصناف التي يزرعها هي البرتقال أبو سرة والعادي، واليوسفي الوزّان والحجري، مؤكداً أن الإنتاج كان جيداً ويعكس خصوبة أراضي صرواح وملاءمتها لزراعة الحمضيات.
ويعبر عن استيائه من غياب الخدمات الزراعية الأساسية، لافتاً إلى أن المزارعين لا يتلقون أي إسناد فعلي من الجهات المختصة، مطالباً في الوقت ذاته بتوفير سيارات لرش المبيدات لمكافحة الآفات، مستدركاً بقوله:”لكننا لم نحصل على شيء، وعندما تهاجمنا أسراب الجراد والدبا لا نجد من يهبّ لمساعدتنا، وهو ما يعرقل الإنتاج ويكبدنا خسائر كبيرة”، مشيراً إلى أن الدعم الذي بدأ يصل مؤخرًا يقتصر على توزيع بعض الحبوب من قبل الجمعيات الزراعية فقط.
وفي ما يخص تسويق المحاصيل، يوضح الضماء أن المزارعين يجدون أنفسهم مضطرين إلى بيع منتجاتهم للتجار بأسعار منخفضة أو نقلها بأنفسهم إلى الأسواق العامة، وهو ما يزيد من التكاليف ويقلل من الأرباح، مبيناً أن غياب منظومة تسويقية منظمة يضع المزارع في موقف ضعف دائم أمام الوسطاء والتجار، داعياً إلى دعم رسمي حقيقي في مجال التسويق والتخزين.
ويرى أن هناك جملة من التحديات، أبرزها فتح الأسواق أمام المنتجات الزراعية المستوردة التي تنافس الإنتاج المحلي، وغياب المصانع التي تعالج وتعبئ الفواكه بطرق علمية وصحية، إضافة إلى عدم توفر ثلاجات كبيرة لحفظ الثمار طوال العام، بالإضافة إلى غياب الإرشاد الزراعي الفعّال”، موضحاً أن المزارعين بحاجة إلى مرشدين صادقين يوجّهونهم حول مواعيد الري والعلاج وأنواع الأسمدة المناسبة لكل مرحلة من مراحل نمو الشجرة.
أما الشيخ يحيى الزايدي من مديرية صرواح، فيقول: “نزرع البرتقال واليوسفي بجهودنا الذاتية، وهي زراعة طيبة ولله الحمد، وندعو الجمعية ومكتب الزراعة إلى الاهتمام بزراعة الحمضيات التي تعاني من أمراض وآفات زراعية لم يُجدِ لها علاج فعّال”.
ويضيف: “لدينا البرتقال المغربي، وهو الذي يأتي على شكل موزة، وبرتقال صعدة وسُرّه مخطوم، لكن أغلب زراعتنا هي من اليوسفي الذي نسميه (وزّان)، لافتاً إلى أن هذه الأنواع التي يعتز بها تواجه خطر الأمراض الزراعية التي تهدد الإنتاج، قائلاً: “خسرنا نصف الغرس تقريباً بسبب آفة لم نعرف اسمها الدقيق، قالوا مرة إنها (ليمتد)، ومرة إنها مرض ألماني، لكن لم نجد علاجاً حقيقياً”.
وعن التسويق، يقول الزايدي إن “المزارع اليمني هو الحلقة الأضعف في سلسلة السوق، موضحاً بقوله: “بدأنا بتسويق ثمارنا مبكراً، لكن عندما نصل إلى السوق نجدها ممتلئة ببضاعة مهربة من مناطق أخرى تُعرض قبل نضجها وتباع بأسعار أقل، رغم أنها غير صالحة للتغذية”.
ويضيف: “تسويق عشوائي بلا رقابة”، مشيراً إلى أن سلة اليوسفي (25 كجم) يبيعها المزارع بحوالي 10 آلاف ريال، بينما يشتري المستهلك الكيلو الواحد من 800 إلى 1000 ريال، فالفرق يذهب للوسطاء والتجار، والمزارع لا يربح شيئاً”.
وعلى الرغم من الخسائر، لا يفقد الزايدي الأمل، ويؤكد: “لدينا مزارع كبيرة ونستعد للتوسعة، لكن نصف الأشجار مصابة بالأمراض، و نحاول بالعلاجات التجارية، لكن المرض يعود من جديد، معتبراً أن لصعوبات في الوقاية والمكافحة والتسويق هي أكبر ما نواجهه اليوم، أما الريّ، فبجهودنا الذاتية نستطيع أن نتدبره، لكننا بحاجة إلى دعم إرشادي واهتمام حقيقي، لا وعود فقط”.
معوقات وصعوبات كثيرة
رئيس جمعية أرض الجنتين التعاونية الزراعية متعددة الاغراض،ناجي الدحناني إلى أن الجمعية في مرحلة التأسيس، وجوانب القصور كثيرة، لكننا نعمل على تلافيها وإيجاد الحلول بشتى الطرق، مؤكداً وجود صعوبات مالية كبيرة تعيق قدرة الجمعية على شراء محاصيل المزارعين.
ويضيف الدحناني أن الزراعة التعاقدية لمحصول البرتقال لم تبدأ بعد لأسباب متعددة، من أبرزها عدم توفر ثلاجات للتخزين، ما يجعل من الصعب الحفاظ على جودة المحصول وتسويقه بشكل فعّال.
كما يشير إلى أن سيطرة التجار على السوق تُعدّ من أبرز المعوقات التي تواجه الجمعية، إذ تحد من قدرتها على تنظيم عمليات التسويق وتوفير أسعار عادلة للمزارعين، موضحاً أن الجمعية تسعى جاهدة لتطوير أدواتها وخدماتها رغم محدودية الإمكانات، مؤكداً أن دعم الجهات الرسمية والقطاع الخاص يمكن أن يساهم في تحسين أداء الجمعية وتوسيع نشاطها في مجالات التسويق والتخزين والتدريب.
وفيما يتعلق بجهود الإرشاد الزراعي، يؤكد الدحناني أن الجمعية أبلغت المزارعين بضرورة التواصل معها فور ظهور أي آفات زراعية في محاصيلهم، حتى تتمكن من تقديم الإرشادات المناسبة وتنسيق الجهود للحد من انتشارها، في إطار حرصها على حماية الإنتاج الزراعي ومصالح المزارعين.
العمل المشترك
بدوره، يؤكد مدير فرع مكتب الزراعة في مديرية حريب القراميش بمحافظة مأرب قاسم ربيح أن الإرشاد الزراعي يمثل الركيزة الأساسية في دعم المزارعين وتمكينهم من المعرفة والمهارات اللازمة لزراعة الحمضيات وفق أساليب حديثة ومستدامة، موضحاً أن دور الإرشاد لا يقتصر على التوعية النظرية، بل يمتد إلى تدريب المزارعين عملياً على أفضل طرق الزراعة والرعاية، بما في ذلك أساليب الري والتسميد والمكافحة المتكاملة للآفات.
ويشير ربيح إلى أن الإرشاد الزراعي يسهم بشكل مباشر في تحسين إنتاجية المزارع وجودة المحصول، من خلال نقل المعلومات العلمية والميدانية التي تساعد المزارعين على مواجهة التحديات الزراعية، خصوصًا الأمراض والآفات التي تتعرض لها أشجار الحمضيات. وأضاف أن هذا الدور المعرفي يعود بالنفع على المزارعين من خلال رفع الكفاءة الإنتاجية وتقليل التكاليف وتحقيق الاستدامة الزراعية، وهو ما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد المحلي.
وفيما يتعلق بدور الجمعيات الزراعية في تسويق منتجات الحمضيات، يوضح مدير فرع مكتب الزراعة أن هذه الجمعيات تمثل حلقة وصل مهمة بين المزارع والسوق، إذ تعمل على تنسيق عمليات التجميع والتسويق وتسهيل وصول المنتج إلى المستهلك. كما أشار إلى أن الجمعيات تسعى لتأمين أفضل الأسعار للمزارعين من خلال التفاوض الجماعي مع المشترين، غير أن ضعف تجاوب بعض التجار ما زال يشكل تحدياً أمام تحقيق هذا الهدف بشكل فعّال.
أما في جانب الزراعة التعاقدية، يبيّن ربيح أن هذا النظام يمثل خطوة استراتيجية نحو تنظيم الإنتاج والتسويق، من خلال توفير الدعم الفني للمزارعين، وتأمين المدخلات الزراعية، وضمان تصريف المحصول بأسعار عادلة، إضافة إلى تسهيل الوصول إلى التمويلات الزراعية التي تساعد المزارعين على توسيع نشاطهم، مؤكداً أن النجاح مرهون بالعمل المشترك والإخلاص في خدمة القطاع الزراعي.
دور الإرشاد الزراعي
من جانبه، يؤكد منسق الإرشاد الزراعي لمحاصيل الفواكه، المهندس سعد خليل، أن الإرشاد الزراعي يؤدي دوراً محورياً في رفع وعي مزارعي الحمضيات وتحسين جودة وإنتاجية محاصيلهم من خلال نقل المعرفة وتطبيق الممارسات الزراعية والتسويقية السليمة. وأوضح أن الإرشاد يركّز على تدريب المزارعين على العمليات الزراعية الصحيحة منذ اختيار الشتلة وحتى الحصاد، بما في ذلك أساليب الري والتسميد والتقليم ومكافحة الآفات بطرق آمنة وصديقة للبيئة، مما يسهم في زيادة الإنتاج وتقليل التكاليف وتحسين الدخل الزراعي.
ويشير خليل إلى أن الإرشاد لا يقتصر على الجوانب الزراعية فحسب، بل يشمل أيضاً الممارسات التسويقية الصحيحة من خلال تدريب المزارعين على معرفة علامات نضج الثمار وعمليات القطف السليم، والفرز والتعبئة والنقل والتخزين بطريقة علمية تحافظ على جودة المنتج وتعزز من قدرة الحمضيات اليمنية على المنافسة في الأسواق المحلية والخارجية.
ويوضح أن الإدارة العامة للإرشاد والتدريب الزراعي تعمل على تنفيذ مدارس حقلية متخصصة، حيث تم إنشاء 12 مدرسة حقلية للحمضيات في محافظة الجوف، لتكون مراكز تدريب ميدانية تتيح للمزارعين التعلم بالممارسة والتجربة المباشرة. كما تعمل الإدارة على تأهيل المرشدين الزراعيين وإعداد أدلة فنية وبرامج تدريبية بالتعاون مع الجهات المختصة، لضمان وصول المعلومات الإرشادية إلى أكبر عدد من المزارعين، مؤكداً أن تطوير قطاع الحمضيات يتطلب تكامل الجهود بين المزارعين والجمعيات الزراعية والجهات الرسمية، مع التركيز على تبني التقنيات الحديثة في الزراعة والتخزين والتسويق، وتعزيز الوعي البيئي والوقائي لضمان إنتاج مستدام وجودة عالية تواكب متطلبات الأسواق وتدعم الاقتصاد الزراعي الوطني.
سلاسل القيمة
وفي إطار الجهود المبذولة لتطوير قطاع الحمضيات في البلاد، يتحدث زهران المشرقي، ضابط سلسلة القيمة للحمضيات، عن أهمية سلسلة قيمة البرتقال بوصفها إحدى أهم السلاسل الزراعية التي تمر بعدة مراحل مترابطة تشكل الأساس في بناء قطاع زراعي مستدام ومربح. وأوضح أن السلسلة تتكون من خمس حلقات رئيسية تشمل: المدخلات، الإنتاج، ما بعد القطف، التسويق، والاستهلاك، إضافة إلى حلقة سادسة مكملة وهي التصنيع، التي تمثل البعد الصناعي والتجاري للمنتج.
ويشير المشرقي إلى أن حلقة المدخلات تمثل البداية الفعلية للعملية الزراعية، إذ تتضمن توفير مستلزمات الإنتاج مثل الشتلات، الأسمدة، المبيدات، والمعدات الزراعية، وهي عناصر غالباً ما يتحكم بها التجار من خلال شرائها من مصادر خارجية وتوفيرها للمزارعين. تليها حلقة الإنتاج، التي تشتمل على جميع الممارسات الزراعية بدءاً من تجهيز الأرض والري والتسميد وحتى الحصاد. ثم تأتي مرحلة ما بعد القطف، التي تتضمن عمليات الفرز والتعبئة والتغليف، وهي خطوة أساسية لضمان جودة المنتج قبل تسويقه.
أما المرحلة الرابعة فتتمثل في التسويق، والتي يصفها المشرقي بأنها “المحرك الحيوي للقطاع”، إذ يساهم وجود تسويق منظم ومربح في تحفيز المزارعين على زيادة الإنتاج وتوسيع الرقعة الزراعية. فيما تأتي المرحلة الخامسة، وهي الاستهلاك، كعنصر حاسم في تحديد اتجاهات السوق، تبعاً للذوق العام والقدرة الشرائية للمستهلكين. وأوضح أن من أبرز التحديات التي تواجه سلسلة القيمة للبرتقال غياب منظومة تسويقية فعالة، ونقص البنية التحتية للتخزين، إضافة إلى ارتفاع تكاليف المشتقات النفطية، وانتشار الأمراض والآفات الزراعية التي يصعب السيطرة عليها.
الخطط المستقبلية
وفي حديثه عن الخطط المستقبلية، يوضح المشرقي إلى أن وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية وضعت مجموعة من الدراسات الهادفة للنهوض بمحصول الحمضيات، منها إدخال البرتقال في الصناعات التحويلية، وإنشاء معامل لإنتاج المخللات على مستوى الجمعيات الزراعية، إلى جانب وضع نظام تسويقي موحد وتنفيذ دراسة شاملة لاحتياجات الأسواق. كما أكد أن تحقيق الاكتفاء الذاتي يتطلب الجمع بين التوسع الرأسي عبر زيادة الإنتاج في وحدة المساحة، والتوسع الأفقي من خلال زيادة المساحات المزروعة بالحمضيات، مشدداً على ضرورة تشجيع الاستثمار الزراعي والصناعي باعتباره الطريق الأهم نحو تحقيق الأمن الغذائي الوطني.
خطة متكاملة لتعزيز تسويق الحمضيات
وعلى ذات السياق يؤكد نائب مدير عام التسويق الزراعي علي الهارب أن إدارة التسويق الزراعي تولي اهتمامًا خاصًا بقطاع الحمضيات، باعتباره من أهم المحاصيل الاقتصادية التي تسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق الأمن الغذائي.
ويشير الهارب إلى أن الإدارة عملت خلال المواسم الماضية على تنفيذ خطة تسويقية متكاملة تضمنت جملة من الإجراءات العملية التي أسهمت في استقرار السوق ورفع ثقة المستهلك بالمنتج المحلي.
ويوضح نائب مدير عام التسويق أن من أبرز الجهود التي نفذتها الإدارة تنظيم عملية استيراد الحمضيات من خلال تحديد فترات السماح والحظر بما يتوافق مع توفر الإنتاج المحلي، وذلك لحماية المنتج الوطني من المنافسة غير العادلة، إلى جانب توجيه المستوردين والتجار إلى شراء المنتج المحلي أولًا من الليمون والبرتقال قبل اللجوء إلى الاستيراد الخارجي.
كما يؤكد أن الإدارة وجهت المستوردين والمسوقين لتخزين الفائض من الإنتاج المحلي في وحدات تبريد حديثة لضمان استقرار الأسعار وتوافر المنتج على مدار العام، مشيرًا إلى أن اليمن تمكنت من تصدير كميات كبيرة من الحمضيات – وخاصة الليمون والبرتقال – إلى عدد من الأسواق الخارجية، الأمر الذي أسهم في تعزيز سمعة المنتج الزراعي اليمني ورفع عائدات التصدير.
ويبيّن الهارب أن من ضمن الجهود أيضًا تقليص فاتورة الاستيراد تدريجيًا بحيث تقتصر على تغطية الفجوات الموسمية، بما يعزز الاكتفاء الذاتي ويقلل الضغط على العملة الوطنية، إضافة إلى تنظيم توزيع الحمضيات بين الأسواق الزراعية في المحافظات لتحقيق توازن في العرض والطلب وتفادي التكدس في مناطق معينة.
وفي حديثه عن دور الإدارة في تسويق الحمضيات، يشير الهارب إلى أن دورهم يتمثل في الإشراف على العملية التسويقية منذ الإنتاج وحتى وصول المنتج إلى المستهلك، من خلال التخطيط والتنظيم والتنسيق مع مختلف الشركاء في سلسلة القيمة التسويقية. ويوضح أن الإدارة تعمل على تحسين كفاءة التسويق الزراعي عبر ربط المنتج بالمستهلك مباشرة وتنظيم الأسواق، إلى جانب تعزيز الصناعات التحويلية المرتبطة بالحمضيات، مثل صناعة العصائر، لما لذلك من أهمية في رفع القيمة المضافة وتقليل الفاقد.
ويؤكد أن الإدارة نفذت برامج إرشاد تسويقي للمزارعين والجمعيات الزراعية لتحسين عمليات ما بعد الحصاد من فرز وتعبئة وتغليف ونقل، لضمان وصول المنتج بجودة عالية إلى الأسواق، مشيرًا إلى أن هذه الجهود تسهم في بناء منظومة تسويق متكاملة ومستدامة تعزز من تنافسية المنتج الزراعي اليمني.
وفيما يتعلق بدور الجمعيات الزراعية، يوضح علي الهارب أن الإدارة تعتبر الجمعيات شريكًا رئيسيًا في نجاح منظومة التسويق، حيث نُفذت جميع البرامج بالتنسيق معها، وشملت مجالات التسويق الزراعي وإدارة ما بعد الحصاد والتعبئة والتغليف، إضافة إلى ربط الجمعيات بالمستوردين والمسوقين وتمكينها من الوصول إلى الأسواق المحلية والخارجية بشكل مباشر ومنظم.
ويشير إلى أن الإدارة عملت على تمكين الجمعيات الزراعية من المشاركة في المعارض والمهرجانات الزراعية المحلية بهدف الترويج لمنتجاتها وتشبيكها مع المسوقين ومزودي المدخلات الزراعية، مؤكداً استمرار هذا التعاون عبر تعزيز الربط بين الجمعيات والشركات المصدّرة لتوسيع فرص التسويق الخارجي للحمضيات اليمنية.
ويؤكد نائب مدير عام التسويق الزراعي أن سوق الحمضيات في اليمن سوق واعد وغني بالفرص، بفضل جودة الإنتاج وارتفاع الطلب المحلي عليه، غير أنه يحتاج إلى تطوير البنية التحتية التسويقية من مراكز تعبئة وتخزين وتبريد حديثة، إضافة إلى تحسين منظومة النقل والتوزيع وتنظيم الأسواق وتفعيل نظام معلومات تسويقي حديث يربط المزارعين بالتجار والمستهلكين.
ويشير الهارب إلى أن الإدارة تعمل حاليًا بالتعاون مع الجهات المعنية والقطاع الخاص على توسيع فرص التصدير وتحسين معايير الجودة والتغليف لتتوافق مع متطلبات الأسواق الدولية، بما يضمن بناء سوق زراعي متطور ومستدام يحقق الفائدة للمزارع والمستهلك ويسهم في دعم الاقتصاد الوطني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى