
فتحي الذاري
يثير توسع زراعة شجرة القات في الأراضي الزراعية تساؤلات حول تأثيره على الأمن الغذائي، حيث يتم استغلال مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية في زراعة القات واستنزاف المياه الجوفية في الري الجائر لزراعة القات، وترك زراعة الحبوب والبقوليات.
ويعود سبب انتشار زراعة القات في معظم أودية اليمن إلى زيادة الإقبال عليه كسلعة رائجة تعود بالربح على شرائح متعددة من المجتمع اليمني، تبدأ من المزارع وتجار القات الجملة والتجزئة، وتتيح زراعة القات فرص عمل للعديد من الأيادي العاملة، كما تسهم في زيادة حركة المواصلات العامة لتنقله إلى العديد من محافظات الجمهورية اليمنية التي تحتضن أسواق قات متعددة، في المقابل فإن شجرة القات تستنزف كميات كبيرة من المياه، و تحتاج إلى مدخلات الزراعية كثيرة مثل المبيدات، والأسمدة الزراعية المستوردة، كما أن شجرة القات تسهم بشكل كبير في تلوث البيئة من خلال المبيدات والأسمدة وكذلك الأكياس البلاستيكية.. هذا يعد جزءاً بسيطاً من أضرار زراعة القات.
وعلى الرغم أن شجرة القات تعتبر مورداً اقتصادياً للمزارعين، وفيها أرباح نظرا لتسويقها والاقبال عليها بشكل كبير إلا أن مزارعي القات يتعرضون إلى خسارة؛ نتيجة زيادة الإنتاج للقات، وقلة الطلب عليه في معظم أوقات السنة، ويرجع ذلك إلى أسباب قد تعود إلى نوعية القات، وموسمه، حيث يكون إنتاج القات في فصل الصيف كبيراً، وجودته أقل، فيرخص الثمن، بينما يكون في الفصول الأخرى أقل إنتاج وجودة عالية، بثمن أغلى مما يعود للمزارعين بالفائدة التي تغطي تكاليف الإنتاج والربح.
من هنا تجد اعتماد مزارعي القات اعتمادهم الكلي على تأمين احتياجاتهم الغذائية من عوائد زراعة القات بنسبة 96٪، والتي يتم بها شراء احتياجاتهم من محاصيل الحبوب والبقوليات المستوردة، وهذا تسبب في عزوفهم عن زراعة المحاصيل الأساسية، وإذا زرعوها تكون بمساحات قليلة، والتي تعتمد على الأمطار، وعند تأخر هطولها تكون أعلافاً للمواشي.
بينما بقية الأسر الريفية تنتظر السلات الغذائية من المنظمات.
حالياً تبذل جهوداً من قبل وزارة الزراعة والري واللجنة الزراعية العليا تنفيذاً لموجهات السيد القائد عبد الملك الحوثي -يحفظه الله- نحو الاكتفاء الذاتي، الا أن هناك نمو سكاني كبير وهو ما تسبب في فجوة غذائية كبيرة بين الإنتاج والاحتياج.
وقد أسهمت الحرب والعدوان والحصار طيلة التسع سنوات التي تقودها أمريكا ودول تحالف العدوان ومرتزقتهم في اليمن، في تزايد الفجوة الغذائية، وزيادة أعباء اقتصادية كبيرة، بالإضافة إلى نقص الموارد المائية والتي تؤثر بشكل كبير على الزراعة والإنتاج الغذائي، وكذلك مساهمة التوسع في زراعة القات في زيادة الفجوة، وهذا يتطلب من صانعي القرار اتخاذ اجراءات صارمة للحد من توسع زراعة شجرة القات في الوديان والقيعان الخصبة، وأن يتم حشد الموارد وتكثيف الجهود لدعم زراعة المحاصيل الزراعية الاستراتيجية المتمثلة في الحبوب والبقوليات، وأن يتم تشجيع وتحفيز المزارعين لاستبدال شجرة القات بمحاصيل نقدية أخرى ذات مردود اقتصادي كبير، تنافس شجرة القات في عائده الاقتصادي وقليلة التكلفة والأضرار الصحية والبيئية والاقتصادية.