إرشاداتصحافة

التعليم الفني والتقني السمكي… نحو تمكين الكفاءات وبناء اقتصاد منتج

وزير الحاتمي

يمثل التعليم الفني والتقني في القطاع السمكي إحدى الركائز الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، خصوصًا في ظل التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجه الثروة السمكية. فالتطور المتسارع في تقنيات الصيد، والتغيرات المناخية، وتراجع بعض المخزونات البحرية، كلها عوامل تتطلب وجود كوادر مدرّبة ومؤهلة قادرة على التعامل مع الواقع البحري بمهارة ومعرفة.
يتميّز التعليم السمكي بطابعه العملي الذي يدمج بين المعرفة النظرية والخبرة الميدانية، ما يضمن إعداد جيل من الفنيين والمتخصصين القادرين على النهوض بمهام إدارة وتشغيل وصيانة المرافق السمكية، وتنفيذ برامج الإكثار والحفاظ على المخزون السمكي، وتشغيل وحدات التجفيف والحفظ، وغيرها من الأنشطة المرتبطة بسلسلة القيمة في القطاع البحري.
تشمل مجالات التعليم السمكي تخصصات متعدّدة، منها تكنولوجيا الصيد، وتربية الأحياء البحرية، وتصنيع وتغليف المنتجات البحرية، وإدارة المرافئ والأسواق السمكية. كما أن البرامج التقنية لا تقتصر على مؤسسات التعليم الرسمي فقط، بل تمتد إلى مراكز التدريب البحري والمعاهد المتخصصة التي تقدم دورات قصيرة وطويلة الأجل لتأهيل الصيادين، وتطوير قدرات العاملين في المهنة، بما يواكب المعايير الدولية في السلامة والجودة والاستدامة.
قيادة وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية تدرك أهمية هذا النوع من التعليم، وتسعى إلى التنسيق مع الجهات المعنية في وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي لتحديث المناهج، وتوفير الكوادر التدريبية، وتسهيل التحاق الشباب بهذه البرامج، خصوصًا في المحافظات الساحلية. كما عملت الوزارة على دعم مبادرات التدريب البحري، وتوسيع الشراكة مع المراكز البحثية والتقنية لتطوير المهارات وربط التعليم بسوق العمل.
أهمية التعليم الفني والتقني السمكي لا تكمن فقط في إنتاج كوادر مؤهلة، بل تتعدّى ذلك إلى خلق فرص عمل جديدة، وتقليل الاعتماد على العمالة الوافدة، وتحقيق الأمن الغذائي، ورفع مساهمة القطاع السمكي في الناتج المحلي الإجمالي. كما يسهم هذا التعليم في نشر الوعي البيئي لدى الصيادين ومجتمعات الساحل، ما يعزز سلوكيات الاستدامة ويقلل من ممارسات الصيد الجائر والتخريبي.
إن التعليم الفني والتقني في المجال السمكي ليس رفاهية، بل ضرورة وطنية واستراتيجية، تسهم في بناء اقتصاد منتج، وتمكين المجتمعات الساحلية، وتحقيق السيادة على الموارد البحرية بما يخدم الأجيال الحاضرة والقادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى