إرشاداتصحافة

الجمعيات التعاونية السمكية.. ركيزة التنمية المستدامة

د/ درهم الرازحي

في ظل التحديات الاقتصادية والتنموية التي تواجه القطاع السمكي في بلادنا، ومن منطلق الحاجة الماسة إلى بناء نموذج اقتصادي يعتمد على الذات ويعزز استثمار الموارد الطبيعية، تبرز الجمعيات التعاونية السمكية كأحد الركائز الأساسية لتحقيق تنمية مستدامة شاملة، انطلاقاً من القاعدة المجتمعية، وتنظيماً للعمل السمكي، وصولاً إلى تعزيز الاكتفاء الذاتي وتحقيق الأمن الغذائي.
تقوم الجمعيات التعاونية السمكية بالتنسيق والربط بين الصيادين والعاملين في القطاع السمكي من جهة، والجهات الرسمية من جهة أخرى. حيث تقوم بتنظيم العمل السمكي، وتحفيز العمل الجماعي، وتنسيق الجهود التنموية، وتسهيل تنفيذ المشاريع المختلفة بعيداً عن العشوائية والارتجال، بما يضمن تطوير القطاع وتحقيق عوائده الاقتصادية بشكل مستدام.
ومن الجدير بالإشارة أن الجمعيات التعاونية السمكية، في جوهرها، تمثل تكتلاً مجتمعياً للصيادين المنتجين والمسوقين والقطاعات الصناعية السمكية والمصدرين ومقدمي خدمات التبريد والتحضير والنقل والشحن، وتعكس همومهم وتطلعاتهم، وتسعى لتحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية من خلال تنظيم عمليات الصيد، وتوفير أدوات الإنتاج والتسويق والتصدير والتصنيع والتبريد والنقل، بالإضافة إلى تحسين جودة التكنولوجيا المستخدمة، وتطوير أساليب الصيد السمكي، بما يضمن استقرار دخل الصيادين ويحميهم من تقلبات أسواق السمك العالمية والمحلية.
كما تلعب هذه الجمعيات دوراً هاماً في خفض تكاليف الإنتاج، عبر توفير المدخلات السمكية الضرورية بالتنسيق مع الشركاء، بالإضافة إلى تحسين جودة المنتجات السمكية من خلال برامج التوعية والإرشاد، بما يرفع من كفاءة الصيادين ويعزز من أساليب الصيد الآمنة والمستدامة، ويحافظ على الثروة السمكية للأجيال القادمة.
وفي هذا السياق، لا يغيب عن البال أن الحراك الذي أحدثته ثورة 21 سبتمبر شكل نقطة تحول مفصلية، حيث حظي القطاع السمكي والجمعيات التعاونية السمكية بدعم واهتمام القيادة الثورية والسياسية وقيادة وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية. وقد أتاح للقطاع السمكي فرصة للتحرر من النفوذ الخارجي والوصاية الدولية، وفتح آفاق واسعة أمام الصيادين اليمنيين لبناء جمعيات سمكية وطنية تعتمد على موارد البلاد الطبيعية، وتنميتها بشكل مسؤول ومستدام.
من خلال العمل وفق خطة استراتيجية تعتمد على ثلاثة مراحل رئيسية: أولها التوعية المجتمعية بأهمية الجمعيات التعاونية، ثم تدريب “فرسان التنمية” ليكونوا قادة في تنظيم العمل السمكي، وأخيراً المرحلة التأسيسية التي تشمل إنشاء وتوثيق الجمعيات. وكانت إحدى ثمار هذا الدعم هو إنشاء جمعية ساحل تهامة التعاونية السمكية، والتي تمثل الصيادين وتنظم جهودهم، وتقدم لهم الدعم في مجال تطوير أساليب الصيد والتسويق، عبر توقيع اتفاقيات تعاقدية ضمن برنامج الصيد التعاقدي مع الجهات المعنية، تضمن تسويق المنتجات السمكية عبر الجمعية اليمنية للتسويق السمكي بشكل منتظم، وتوفير حوافز لزيادة إنتاجية الصيادين، وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى