تقاريرصحافة

مهرجان القطيع للتراث التهامي

حينما يتحدث التراث بلغة الحضور والجذور

اليمن الزراعية: أيوب أحمد هادي

اختتمت في مدينة القطيع بمحافظة الحديدة فعاليات المهرجان السنوي للتراث والموروث الشعبي التهامي، الذي يعد تظاهرة ثقافية تمثل أحد أبرز ملامح الهوية التهامية، كما يعد تجمعًا فنّيًا فريدًا يعكس الذاكرة الجمعية لأبناء هذه الأرض.
ولم يكن مهرجان القطيع هذا العام مجرد استعراض تراثي، بل كان مناسبة استثنائية لإعادة تعريف العلاقة بين الإنسان وأرضه، وبين التاريخ والذاكرة، وبين الفنون والحياة. وإذا كان لكل أرضٍ ما يميزها، فإن القطيع اليوم قالت كلمتها: “التراث لا يُحفظ بالأرشيف، بل يُصان بالحضور”.
وقدم مشاركون من أبناء الزرانيق عروضًا في الرقص الحربي والصيد البحري، كما عبّر عدد من الحاضرين عن رغبتهم في أن يتحوّل المهرجان إلى فعالية وطنية تُنظَّم بدعم مؤسسي أكبر، وأن يُدرج ضمن الخارطة الثقافية الرسمية للبلاد.
وعلى صعيد متصل، يقول المشارك أحمد جحبة بفخر: “نحن نحمل تراثًا لا يُشبه غيره، وتراث الزرانيق لا يمكن اختزاله في رقصة أو زامل.. ما قدّمناه اليوم هو جزء من ذاكرتنا، من صراعنا مع الأرض، ومن وقوفنا في وجه النسيان”.
أما المصور محمد العبدلي، وهو أحد الزائرين للمهرجان، فيقول: “المهرجان لم يكن مجرد احتفال، بل درس حيٌّ في الانتماء، وتجربة إنسانية بالغة العمق، ولي الفخر أنني كنت حاضراً بعدستي والتقطت أجمل الصور من مختلف العروض التي شعرت أنها تبث البهجة والفخر في كل من يشاهدها على حساباتي في منصات التواصل، وذلك من خلال مشاهدة بعض التعليقات من المتابعين”.
أما الزائر أكرم كمندس، وهو من مديرية باجل، فقد عبّر عن دهشته مما شاهده قائلاً: “لم أتوقع هذا المستوى من التنظيم والتنوع.. المهرجان فاق تصوري، وشعرت أنني أعيش جانبًا من حياة أجدادي بكل تفاصيلها، وأكثر ما أبهرني هو عروض التراث الشعبي، وكذلك عروض
منصة سنوية لإحياء التراث التهامي
من جهته، يؤكد رئيس اللجنة التحضيرية لمهرجان القطيع، خالد محيي الدين، أن المهرجان يُعد منصة سنوية لإحياء التراث التهامي، والتأكيد على خصوصيته الثقافية، التي طالما واجهت التهميش في فضاءات الكتابة التاريخية والدراسات الأكاديمية.
ويقول في حديثه لـ “اليمن الزراعية”: “لم تكن القطيع يومًا مجرد مدينة صغيرة في تهامة، بل كانت وما زالت حاضنة لذاكرة تاريخية وزراعية ومجتمعية، تمتد عميقًا في وجدان الإنسان اليمني. ومن رقصة العبدي إلى مختلف الرقصات الشعبية التهامية، ومن سباقات الفروسية إلى عروض الموروث الشعبي، وصولاً إلى الزراعة والصيد، نحن لا نحتفل بالماضي فحسب، بل نُعيد بناء هويتنا من خلاله”.
ويشير إلى أن المهرجان هذا العام شهد تنوعًا غير مسبوق في الفعاليات، من بينها عروض الفلكلور الشعبي والحكايات التهامية، والليالي الإنشادية، وعروض الزراعة والحياة البحرية، مؤكدًا أن المهرجان يمثل “جسرًا بين الأجيال ومختبرًا حيًّا للتراث الحيّ”.
بدوره، يعبر مدير مكتب الشباب والرياضة بمحافظة الحديدة، الأستاذ عماد البرعي، عن اعتزازه برعاية المكتب للمهرجان، مشيرًا إلى أن مثل هذه الفعاليات تُسهم في تعزيز الانتماء الوطني والهوية الثقافية لدى الشباب.
ويقول البرعي: “مهرجان القطيع ليس مجرد فعالية موسمية، بل مشروع ثقافي ومجتمعي متكامل، ونحن في مكتب الشباب والرياضة نؤمن أن حماية التراث تبدأ من تمكين المجتمع المحلي، وتوفير المساحات للتعبير عن هويته. ما شاهدناه في القطيع يُعد نموذجًا يُحتذى به على مستوى المحافظات، ويستحق كل دعم ومساندة”.
وشهدت التغطية الإعلامية للمهرجان هذا العام توسعًا ملحوظًا، حيث تم توثيق أغلب الفعاليات عبر عدسات محلية ومشاركتها على منصات التواصل الاجتماعي، ما ساعد في إيصال رسالة المهرجان إلى جمهور واسع داخل اليمن وخارجها، كما يقول المسؤول الإعلامي للمهرجان أيوب أحمد هادي.
ويضيف: “حرصنا على أن تكون الرسالة الإعلامية للمهرجان متوازنة، تُظهر العمق الثقافي للفعالية، وتُبرز الجماليات دون تزييف، والواقع دون مبالغة، وقد لمسنا تفاعلًا كبيرًا من الجمهور، واهتمامًا من قنوات وإذاعات إعلامية محلية ومواقع إخبارية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى