تقاريرصحافة

زراعة الذرة الشامية بمحافظة الجوف

فرص واعدة لتحقيق الاكتفاء الذاتي

اليمن الزراعية- محمد طاهر العرسة

تتمتع محافظة الجوف بمقومات طبيعية وزراعية هائلة تجعلها واحدة من أهم المحافظات الواعدة في مجال الإنتاج الزراعي، خصوصًا في زراعة الذرة الشامية التي أصبحت ركيزة أساسية للأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية، إلى جانب كونها مصدر دخل رئيسي لسكان المحافظة.
ويؤكد المسؤولون والمزارعون أن هذه المقومات، إذا ما استُغلت بالشكل الأمثل، يمكن أن تجعل الجوف سلة غذاء اليمن وداعمة لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
تنوع بيئي
ويوضح مدير عام مكتب الزراعة بمحافظة الجوف الأستاذ مهدي الظمين أن محافظة الجوف تتمتع بتنوع جغرافي ومناخي يجعلها مركزًا مهمًا للإنتاج الزراعي، لا سيما في زراعة الذرة الشامية التي وصفها بأنها “إحدى الركائز الأساسية للأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية في المحافظة”.
ويقول الظمين لـ “اليمن الزراعية” إن الذرة الشامية توفر مصدرًا رئيسيًا للغذاء والدخل لسكان الجوف، حيث يتم تسويق المحصول بالتنسيق مع المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب، وهو ما أسهم بشكل مباشر في تحسين معيشة المزارعين وتعزيز الاكتفاء الذاتي، مشيراً إلى أن المناخ المعتدل والأراضي الخصبة والموارد المائية الوفيرة من الآبار تشكل جميعها بيئة مثالية لنجاح المحاصيل، لافتًا إلى أن إدخال الممارسات الزراعية الحديثة، كالتسميد والري المحسن، رفع من الإنتاجية وجودة المحصول، وهو ما يعكس التزام المكتب بالتطوير المستمر.
برامج إرشادية
وفيما يخص الخدمات المقدمة للمزارعين، يشير الظمين إلى أن المكتب ينسق مع المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب لتوفير بذور محسنة كقروض في بداية الموسم يتم استردادها عند الحصاد، إلى جانب توفير خدمات الحراثة بأسعار رمزية عبر الجمعيات التعاونية الزراعية.
ويؤكد أن المكتب ينفذ برامج حقلية وورشًا إرشادية وتوعوية عبر فرق ميدانية ومنصات التواصل الاجتماعي، بهدف نشر الوعي بالممارسات الزراعية المثلى ومكافحة الأمراض والآفات في حينها، كاشفاً أن المساحات المزروعة بالذرة الشامية هذا العام بلغت حوالي 3,398 هكتارًا، مشيرًا إلى أن المكتب يعمل حاليًا على اعتماد آلية شراء جديدة لصالح المزارعين تضمن لهم عائدًا أفضل ودخلًا مستقرًا، مؤكدًا أن جميع هذه الجهود تأتي ضمن استراتيجية المكتب لتحقيق تنمية مستدامة وتوفير فرص عمل، مع الحفاظ على الموارد المحلية.
جمعية المتون.. نموذج ناجح للدعم الزراعي
من جانبه، يشير المدير التنفيذي لجمعية المتون التعاونية الزراعية عبد الحميد هادي أبو علي، إلى أن الجمعية تلعب دورًا محوريًا في دعم مزارعي الذرة الشامية بمديرية المتون، موضحًا أنها توفر حراثات بأسعار مخفضة، إلى جانب البذور المحسنة والإرشاد الفني المستمر.
ويؤكد أبو علي أن الجمعية توزع مدخلات الإنتاج، وتنفذ جلسات توعوية وزيارات ميدانية، فضلًا عن نشر التوعية عبر وسائل التواصل حول مكافحة الآفات وأساليب الزراعة السليمة، مما ساعد في تحسين الإنتاجية وجودة المحصول، مشيراً إلى أن الجمعية عملت بالتنسيق مع المكتب والوزارة والمؤسسة العامة للحبوب على ضمان تسويق المحصول بسعر عادل، حيث افتتحت نقطة شراء مباشرة في المديرية لتخفيف تكاليف النقل عن المزارعين وحمايتهم من جشع التجار.
وفي معرض حديثه عن التحديات، يوضح أبو علي أن المزارعين واجهوا مشكلات تتعلق بالآفات الحشرية والفطرية وتلف الأعلاف، مؤكدًا أن الجمعية سارعت لمعالجة هذه التحديات عبر تقديم الاستشارات الفنية وتوفير الحصادات بأسعار مناسبة.
ولفت إلى مبادرة “الذرة المستدامة” التي أطلقتها الجمعية، والتي تهدف إلى زراعة بذور عالية الجودة بأساليب تحافظ على المياه الجوفية وتضمن عوائد اقتصادية أكبر، مشيرًا إلى تشجيع الزراعة التعاقدية كخيار استراتيجي يضمن للمزارعين دخلًا ثابتًا.
ويؤكد أن الجمعية وضعت خطة بالتنسيق مع السلطة المحلية لزراعة نحو 15,000 طن من الحبوب في المستقبل القريب، مشددًا على التزامها بتطوير القطاع الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة في المتون.
“خب والشعف”.. سلة غذاء واعدة
وفي السياق نفسه، يشير المدير العام لمديرية خب والشعف في محافظة الجوف الشيخ صالح بن ثيبة، إلى الإمكانات الزراعية الهائلة التي تتمتع بها المديرية، مؤكدًا أن “خب والشعف” قادرة على أن تكون سلة غذاء اليمن وأن تحقق الاكتفاء الذاتي من الحبوب والمحاصيل المختلفة، معتبراً أن زراعة الذرة الشامية من أهم الأنشطة الزراعية في المديرية، حيث تُنتج بكميات كبيرة وتُزرع مرتين في العام.
ويوضح بن ثيبة أن هذه الزراعة تعد مصدر دخل رئيسيًا للعديد من الأسر، إلى جانب تربية المواشي، وأنها جزء لا يتجزأ من التراث الزراعي للمنطقة، مشيراً إلى أن المديرية تتميز بخصوبة التربة ووفرة المياه، حيث لا تتجاوز أعماق الآبار خمسة أمتار، مما يجعلها منطقة مثالية للتوسع الزراعي.
ويؤكد أن مكتب الزراعة في المديرية قدم بعض الخدمات التي ساهمت في مساعدة المزارعين على التوسع، خاصة فيما يتعلق بتوفير فرص لشراء المحاصيل بأسعار مناسبة. لكنه أشار إلى أن الدعم ما يزال محدودًا، وأن المزارعين يواجهون تحديات كبيرة بسبب اعتمادهم على الزراعة التقليدية والري بالغمر.
ويأمل في المزيد من الدعم لهذه المديرية التي تعادل مساحتها ما يقارب مساحة ثلاث دول مجاورة (قطر، وعُمان، والبحرين)، وإذا تم استغلالها بشكل كامل، فإن اليمن سيصل إلى الاكتفاء الذاتي في مختلف أنواع الحبوب والخضروات والفواكه.”
رؤية جديدة بعد ثورة 21 سبتمبر
وفي حديثه عن وضع الزراعة قبل ثورة 21 سبتمبر، يصف بن ثيبة القطاع الزراعي بأنه كان “مهملاً ومهمشًا”، مشيرًا إلى أن الأنظمة السابقة كانت تضع عراقيل أمام المزارعين، مثل تأخير توفير مادة الديزل اللازمة لتشغيل مضخات الري، مما كان يؤدي إلى ضياع مواسم كاملة، مضيفاً أن تلك الأنظمة كانت تسعى لجعل اليمن شعبًا يعتمد على الاستيراد، في حين أن القيادة الجديدة أعادت الاعتبار للزراعة كنشاط اقتصادي أساسي.
ويؤكد أن وعي المزارعين ودعم القيادة وتوفير الأمن والاستقرار، كلها عوامل ستساهم في تحويل المديرية إلى “سلة غذاء اليمن” وتحقيق الاكتفاء الذاتي الذي لطالما كان حلمًا للمواطنين.
من جانبه، يشير المزارع دارس قصيلة إلى أن زراعة الذرة الشامية توسعت خلال السنوات الأخيرة، وأن هناك توجهًا كبيرًا لزيادة المساحات المزروعة من خلال الدعم والمساندة من قبل الحكومة. ويضيف أن الذرة الشامية تُعد محصولًا غذائيًا مهمًا ومصدر دخل للمزارع، مؤكدًا أهمية التوسع في زراعتها حتى يتحقق الاكتفاء الذاتي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى