
منصة وطنية لإحياء الزراعة والإنتاج المحلي
حظي مهرجان “خيرات اليمن” في موسمه الثاني باهتمام غير مسبوق وحضور فاق التوقعات رغم إقامته في ظرف حساس جراء العدوان الصهيوني الغاشم على بلادنا.
و توافد المئات من المزارعين ورواد الأعمال والمستهلكين والزوار إلى ساحة المهرجان بعروضٍ متنوعة من الفواكه، والحبوب، والعسل، والمشغولات اليدوية، والبهارات البلدية، وغيرها من المنتجات التي عبرت عن غنى الأرض اليمنية وتنوعها المناخي والزراعي.
اليمن الزراعية: الحسين اليزيدي
وفي هذا الصدد يقول رئيس جمعية القطاع الجنوبي علي أحمد المدغمر إن المشاركة في مثل هذه المهرجانات تمثل فرصة استراتيجية للجمعيات والمزارعين على حدٍّ سواء، مشيرًا إلى أن القطاع الزراعي بدأ يشهد تحولات ملموسة بفضل الجهود الحكومية والمجتمعية المبذولة في السنوات الأخيرة.
و يضيف المدغمر في حديثه لصحيفة ” اليمن الزراعية” : “بالنسبة لنا عرضنا منتجات الفراولة والعنب والدباء، وكذلك الحبوب، ولكننا لم نتمكن من المشاركة الكاملة في هذا المهرجان بسبب قصر فترة الإشعار. ومع ذلك، نعتبر إقامة المهرجان نعمة كبيرة، لأنه يتيح لنا إشهار منتجات بلادنا وخيراتها أمام الزوار والمستهلكين.”.
ويواصل : “بدأنا في جمعيتنا بخطوة أولى ركزنا فيها على زراعة الثوم، والحمد لله غطينا السوق المحلي بالكامل، ونحن الآن مقبلون على التوسع في زراعة الحبوب والفواكه مثل الخوخ والتفاح واللوز، كما توسعت زراعة الفراولة بشكل كبير ضمن نطاق القطاع الجنوبي، قائلا: “نحمد الله على هذه النعمة، وعلى القيادة التي أولت القطاع الزراعي اهتمامًا خاصًا، فلو نجح التسويق ستنجح الزراعة، وسيتحسن المزارع في فرز وجودة إنتاجه ليستفيد هو والمستهلك على حدٍّ سواء.”.
و يشير المدغمر إلى أن مثل هذه المهرجانات تفيد الجمعيات في التعريف بأنشطتها ومنتجاتها، وتقرّبها من المواطن. آملا أن تتكرر باستمرار في مختلف المحافظات لتشمل كل المحاصيل الزراعية، معتبرا أن الإعلام له دور كبير في إنجاح هذه الفعاليات وتعزيز حضورها في المجتمع.
من جانبه، يرى الصحفي عبدالرقيب اليعيسي، أحد زوار المهرجان، أن إقامة المهرجانات في هذا العصر أصبحت ضرورية جدًا، خصوصًا في ظل التحديات التي تعيشها بلادنا اليوم.
ويرى أن مهرجان خيرات اليمن ليس فعالية ترفيهية كما يظن البعض، بل هو مساحة لتعريف الناس بما تمتلكه البلاد من ثروات ومنتجات ومشاريع زراعية وحرفية، مؤكدا أن هذه المهرجانات تخلق تفاعلاً اجتماعيًا كبيرًا، فهي تجمع المنتجين بالزوار والمسوقين، وتتيح تبادل الخبرات والأفكار، كما أنها تفتح المجال أمام المشاريع الصغيرة والنساء المنتجات لإبراز إبداعاتهن، سواء في الأطعمة والمشروبات أو الصناعات المنزلية كالبهارات والسمن البلدي والأدوات المصنوعة محليًا.
تـنــوع وإضـافــة رائـعــة
بدوره، يعبّر مالك تجارة بن خالد، أحد المشاركين، عن سعادته بالمشاركة قائلًا: “المهرجان إضافة رائعة وجميلة، وأداة تسويقية فعالة لتعزيز حضور المنتج اليمني في الأسواق المحلية والعربية، فقد أتاح لنا المهرجان فرصة للتواصل المباشر مع العملاء والتجار، وتبادل الخبرات مع المشاركين، وهو ما ينعكس إيجابًا على جودة المنتجات وتطويرها.
ويتابع: “مثل هذه الفعاليات تشجع المنتجين على الإبداع وتحسين منتجاتهم بما يتناسب مع احتياجات المستهلكين، وتفتح أمامهم آفاقًا أوسع لتوسيع نشاطهم التجاري والزراعي.”.
من جانبه، يشير أسامة الضلعي، صاحب محل كوكب النحل لإنتاج وبيع أجود أنواع العسل، إلى أن مشاركتهم في مهرجان خيرات اليمن جاءت بهدف إبراز أنواع الأعسال التي تتميز بها اليمن، مؤكدًا أن المهرجانات تسهم بشكل فاعل في الترويج والتسويق للمنتجات الزراعية، وفتح نوافذ تصديرية متعددة، موضحا أن المهرجان كان ممتازًا جدًا من حيث التنظيم والإقبال من قبل الزوار والمستهلكين، داعيًا المواطنين إلى الإقبال على شراء المنتجات المحلية، ومنها العسل اليمني ذو الجودة العالية، والامتناع عن شراء العسل المستورد.
أما المشارك الآخر في المهرجان، أنيس بارجاء، صاحب محل الشيخ للعسل والمنتجات الحضرمية من محافظة حضرموت، فيقول: “شاركنا في مهرجان خيرات اليمن بمنتجات يمنية متنوعة مثل العسل الحضرمي بأنواعه، وكذلك الحناء، والتمور، والزعقة الحضرمية، وبذور السدر، مشيدا بالمهرجان والقائمين عليه، واصفًا إياه بأنه فرصة كبيرة تجمع المزارعين والمنتجين بالتجار والمصدرين تحت سقف واحد.
من جهته، يشير أكرم يعيش، صاحب محل ملوك تاج الحبوب لبيع المنتجات البلدية، إلى أن مشاركته في مهرجان خيرات اليمن، والتي جاءت بناءً على طلب اللجنة التحضيرية، كانت باعتباره من أوائل المبادرين في دعم المنتجات المحلية.
ويوضح أنهم شاركوا بمنتجات الحبوب بمختلف أنواعها (القمح، الذرة الرفيعة، الذرة الشامية، الذرة الحمراء والصفراء، الدخن، العدس… إلخ)، إضافة إلى البقوليات بأنواعها، وكذلك البهارات، والثوم، واللوز، والزبيب، والعسل، والتمور، والزيوت، والسمن.
ويؤكد يعيش أن المهرجان كان ممتازًا جدًا جدًا، وأن الإقبال كان كبيرًا من قبل الزوار والمستهلكين، مشيدًا بجهود القائمين على المهرجان، كما وجّه رسالة إلى الجهات المعنية بضرورة التنسيق وقت الحصاد بين مزارعي الحبوب والتجار، ووضع آلية محددة لبيع الحبوب، حتى لا يتعرض المزارعون للاستغلال أو الظلم.
وفـاء للدكتــور رضــوان الـربـاعـــــي
ولم ينسَ المشاركون في ختام المهرجان الإشارة إلى الدور الريادي للدكتور رضوان الرباعي، أحد أبرز رواد الثورة الزراعية في بلادنا، الذي رحل قبل فترة قصيرة جراء غارة للعدو الصهيوني.
و يقول نصير طامش، أحد المنظمين، إن رحيل الدكتور رضوان الرباعي ترك فراغًا كبيرًا، فقد كان له دور محوري في دعم المهرجانات الزراعية والمشاريع الريفية، وكان يتعامل مع الجميع بروح الأب والأخ، مواصلا : “فقدناه، لكنه سيظل حاضرًا في كل نجاح يحققه هذا القطاع” .
وفي ختام المهرجان، أجمع المشاركون على أن الزراعة أصبحت اليوم خيارًا استراتيجيًا لا يمكن تجاهله، في ظل الحاجة الملحّة لتأمين الغذاء وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
كما عبّر المشاركون عن إيمانهم بأن مثل هذه المبادرات “تُعيد الخير إلى البلاد، وتمنحنا القدرة على تقرير المصير الاقتصادي من خلال ما نزرع ونصنع.”