تقاريرصحافة

الأسر المنتجة في مهرجان “خيرات اليمن”

ركيـــزة الاقتصـــاد المجتمعــي المقــاوم

تمثل الأسر المنتجة حجر الزاوية في بناء اقتصاد مجتمعي مقاوم، يقوم على استثمار الطاقات المحلية وتحويل الموارد المتاحة إلى منتجات غذائية وحرفية وصناعية تعزز من صمود المجتمع، وتوفر فرص عمل، وتقلل من فاتورة الاستيراد.

وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها اليمن، يبرز دور هذه المشاريع الصغيرة كأداة فعالة لمواجهة التحديات، ومصدرًا يرسخ ثقافة الاعتماد على الذات.
و مهرجان “خيرات اليمن” كمنصة حيوية لتجسيد هذه الرؤية، حيث اجتمعت عشرات الأسر المنتجة لتعرض عصارة جهدها وإبداعها، وتنقل للزوار صورة حية عن قوة المنتج المحلي وجودته وقيمته الوطنية والاقتصادية.

اليمن الزراعية: محمد حاتم

منتجات طبيعية لجمعية معين
وفي السياق تقول فردوس خالد من جمعية معين عن المشاركة بمنتجات متنوعة مثل الشطة والكاتشب والمخللات والمربيات ودبس العنب والطحينية السائلة : “نحن في الجمعية نقوم بالتسويق للأسر المنتجة، ومشاركتنا في المهرجان تهدف إلى الترويج لهذه المنتجات وتشجيع المستهلك اليمني على شراء المنتج المحلي، لأنه يدعم الاقتصاد الوطني ويوفر فرص عمل.”
لكنها لم تُخفِ الصعوبات، وأضافت: “نواجه تحديات أبرزها ارتفاع أسعار المواد الخام، وهو ما ينعكس على سعر المنتج رغم جودته وخلوه من المواد الحافظة مقارنة بالمستورد، منوهة إلى أننا نعاني من ضعف الترويج والتسويق، ونطالب الجهات المعنية بالقيام بدور أكبر في الترويج لهذه المنتجات.”
رشة تكفيك: عطور يمنية بنفحات أصيلة
من جانبها، حنين الحرازي، مالكة محل “رشة تكفيك”، قدمت نموذجًا مختلفًا من خلال العطور ذات النكهات المحلية، وقالت: “شاركنا بعطور مستوحاة من الروائح اليمنية الأصيلة مثل الرمان الصعدي، والبخور العدني، والبن الحيمي والحرازي، والمسك وغيرها، مشيرة إلى أن معظم المواد الخام محلية، وحرصنا على أن تمر منتجاتنا بمراحل دراسة وتصنيع حتى تصل إلى مرحلة الإنتاج.”
وتضيف الحرازي بفخر: “منتجاتنا تلاقي إقبالًا كبيرًا من الزبائن، لأنها تمتاز بروائحها الطيبة ومدة بقائها الطويلة التي تصل في بعض الأنواع إلى يومين.. نحن نعمل بروح البحث والتجديد حتى نظل منافسين في السوق.”
وتشيد بدور مهرجان خيرات اليمن، معتبرة أنه من أفضل الفعاليات التي شاركت فيها، فقد منحنا فرصة لتعريف المجتمع بمنتجاتنا على نطاق أوسع.”
ثمرات الغدير: استغلال موسم العنب
قدمت مالكة ماركة “ثمرات الغدير” منتجات من مربى العنب وخل العنب الطبيعي المصنوع في بني حشيش، مشيرة إلى أن المنطقة تشتهر بأجود أنواع العنب.
وتقول: “الفكرة جاءت لاستغلال موسم العنب وإنتاج كميات كبيرة تكفينا على مدار العام، حيث نعمل على إنتاج مربى وخل طبيعيين خاليين من المواد الحافظة والمضافة، وتبقى صالحة لمدة عامين.”
وتضيف: “نسعى لتقليل فاتورة الاستيراد عبر استغلال مواردنا المحلية، و لدينا نقطة بيع في سوق الخميس، ونطمح إلى إنشاء معمل لحفظ وتحضير أوراق العنب، ونأمل أن يجد المنتج المحلي مزيدًا من الإقبال.”
كما وجهت رسالة للمستهلك بقولها : “إقبالكم على المنتج المحلي دعم مباشر للأسر المنتجة وللاقتصاد الوطني، مطالبة الجهات المعنية بتقديم دعم مالي للأسر المنتجة وتوفير معامل وآلات للإنتاج.”
أحلام للشنط: دقة في الخياطة وطموح للتوسع
أحلام المقطري، مالكة ماركة “أحلام للشنط”، تحدثت عن شغفها بخياطة وإنتاج الحقائب بجميع أنواعها، وقالت: “ننتج شنطًا رجالية ونسائية من القماش والجلد والخيش، إلى جانب شنط العرائس والسفر والكتف والملفات، و نحرص على أن تتميز منتجاتنا بالدقة في الخياطة والنظافة في العمل، وهو ما يميزها عن غيرها.”
لكنها أشارت إلى تحدٍ كبير يواجهها: “الصعوبة الأساسية هي عدم توفر الجلود الطبيعية محليًا، وارتفاع أسعارها إن وجدت، لذلك نطالب بإنشاء معامل محلية لدباغة الجلود بأسعار مناسبة حتى نتمكن من تلبية الطلب المتزايد.”
معمل الإبداع والتميز: إنتاج الملابس بجهود المعاقين
من جهتها، أوضحت الرحمة الوبري أن معمل الإبداع والتميز للمعاقين يقوم بإنتاج تشكيلة واسعة من الملابس، وقالت: “نصنع الملابس الرجالية والنسائية والولادية، بما في ذلك الكوافي واليلقات والأكوات والبدلات العسكرية وبدلات الصيانة للمهندسين، إضافة إلى الملابس الطبية للأطباء والممرضين والستائر.”
وأضافت: “أكبر التحديات التي نواجهها هو ضعف الترويج والتسويق. نحن نطالب الجهات المعنية بالتعاقد معنا لتوريد الملابس للمستشفيات والمدارس والمهندسين، وهو ما سيساعد على استمرارية عملنا وتطويره.”
وأشادت بالمهرجان قائلة: “مهرجان خيرات اليمن منحنا فرصة لإبراز منتجاتنا والتعريف بجهود المعاقين في مجال الإنتاج.”
أنامل ذهبية: صناعة المنظفات المحلية
أما معمل “أنامل ذهبية” للمنظفات، إحدى مبادرات مؤسسة الشهداء، فكان له حضور مميز في المهرجان، وقالت ممثلة المعمل: “ننتج مختلف أنواع المطهرات والمنظفات، ونعمل على توفير كميات حسب الطلب، ولدينا نقطة بيع في سوق الخميس. نطمح إلى إنشاء معمل متكامل لتوزيع منتجاتنا في السوبرماركت والمحلات.”
وأشارت إلى صعوبات تواجههم منها ارتفاع أسعار المواد الخام مشكلة كبيرة، إلى جانب عدم قناعة بعض المستهلكين بالمنتج المحلي وتفضيلهم المستورد. هذا يتطلب حملات ترويج وإعلانات لتعريف الناس بجودة المنتج المحلي.”
لقد أظهرت مشاركة الأسر المنتجة في مهرجان خيرات اليمن أن هذه المشاريع ليست مجرد نشاط اقتصادي محدود، بل هي رافعة أساسية لبناء اقتصاد وطني مقاوم قائم على الاعتماد على الذات واستثمار الموارد المتاحة وتحويلها إلى منتجات تنافس بجودتها، وبين الطموحات والتحديات، تبقى هذه الأسر عنوانًا للصمود والإبداع، ورسالة واضحة بأن اليمن قادرة على النهوض بإمكانياتها الذاتية مهما كانت الصعوبات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى