إرشاداتصحافة

التراث الزراعي والثروة الحيوانية

خالد الدبيس

قال الله تعالى في محكم تنزيله: [وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ].
هذه الآية الكريمة، تبرز كيف أكرم الله الإنسان، ووفّر له سبل العيش من خلال الثروة الحيوانية، فتربية الحيوانات، مثل الماعز والأغنام والأبقار، تُعد جزءًا حيويًا من حياة اليمنيين، إذ تحمل قيمة اقتصادية كبيرة، وتمثل مصدرًا غذائيًا مهمًا، تسعى كل أسرة للاحتفاظ بعدد من هذه الحيوانات لتلبية احتياجاتها الغذائية وتوفير الدخل.
الماعز، على سبيل المثال، يُعرف بقدرته على تحمل الظروف البيئية الصعبة،والتكيف مع مختلف البيئات، بينما توفر الأغنام اللحوم، وتعتبر الأبقار مصدرًا أساسيًا للحليب والزبدة واللحوم. من المهم الالتفات إلى ممارسات تساهم في الحفاظ على الثروة الحيوانية، مثل تجنب ذبح الإناث، حيث يسهم ذلك في ضمان استمرارية الإنتاج وزيادة أعداد الحيوانات.
تحسين السلالات، هو أيضًا محور أساسي في هذا السياق، ويتمثل في اختيار الأنواع ذات الإنتاجية العالية والخصائص الجيدة، مثل مقاومة الأمراض والقدرة على التأقلم مع الظروف المحلية.
تربية الحيوانات في اليمن، ليست مجرد نشاط اقتصادي، بل تحمل بعدًا تاريخيًا وثقافيًا عميقًا.. إنها جزء من الهوية الوطنية للشعب اليمني، إذ ترتبط بتقاليدنا وقيمنا كشعب يعشق الأرض ويعتز بتاريخه.
من خلال تربية الحيوانات، نتواصل مع تراث أجدادنا الذي يظهر في مناسباتنا واحتفالاتنا، مثل عيد الأضحى، حيث تبرز هذه الحيوانات كجزء أصيل من هويتنا.
إضافة إلى البعد الوطني، تؤكد تربية الحيوانات على الهوية الإيمانية، فهي تذكرنا بفضل الله علينا وأهمية الرزق الذي منحنا إياه، فالحيوانات أمانة في أعناقنا، والعناية بها واجب ديني وأخلاقي.
رحمة الحيوانات، وعدم تعذيبها من القيم الإسلامية التي يجب أن نحافظ عليها، فهي تُجسد مبادئنا الإيمانية العميقة.
في المناطق الجبلية، تستدعي تربية الحيوانات فهمًا دقيقًا للاحتياجات البيئية، وأساليب التربية المناسبة للموارد المتاحة. ومن خلال توفير التغذية الجيدة والرعاية الملائمة، يمكن تحسين صحة الحيوانات، وزيادة إنتاجها بطرق مستدامة، مما يعزز من مكانة هذا النشاط الحيوي كمصدر للرزق وللهوية.
تربية الحيوانات، ليست مجرد عمل يومي، بل هي جزء لا يتجزأ من روحنا وهويتنا كشعب يمني.. إنها تعبير عن التزامنا بالحفاظ على موروثنا الزراعي، وثرواتنا الحيوانية، بما يعكس علاقتنا العميقة بالأرض التي أنعم الله علينا بها.
نسأل الله أن يديم علينا هذه النعم، ويبارك في أرزاقنا، ويحفظ هذا الموروث العريق للأجيال القادمة.
*مدير مكتب الزراعة في مديرية النادرة محافظة إب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى