إرشاداتصحافة

التعليم البحري… ركيزة أساسية للنهوض بالقطاع السمكي في اليمن

وزير الحاتمي

يمتلك اليمن واحدًا من أطول السواحل في المنطقة، وتنوّعًا بحريًا غنيًا يشكّل ثروة وطنية كبيرة يمكن أن تُسهم بفاعلية في تحقيق الأمن الغذائي ودعم الاقتصاد الوطني. غير أن الاستفادة الحقيقية من هذه الثروة لا تتحقق إلا من خلال الاستثمار في الإنسان، وتأهيل كوادر فنية متخصصة تمتلك المعرفة والمهارة اللازمة لإدارة الموارد البحرية بشكل علمي ومستدام. ومن هنا تبرز أهمية التعليم البحري كأحد المرتكزات الأساسية للنهوض بالقطاع السمكي.
يُعدّ التعليم البحري والتقني حلقة وصل مهمة بين المعرفة النظرية والتطبيق العملي في أنشطة الصيد، والاستزراع السمكي، والتصنيع، والملاحة البحرية. فالمعاهد والكليات المتخصصة تُسهم في إعداد صيادين وفنيين ومهندسين قادرين على استخدام التقنيات الحديثة، والالتزام بأسس السلامة البحرية، وتطبيق الممارسات السليمة التي تحافظ على المخزون السمكي وتحدّ من الهدر والخسائر.
كما أن تطوير التعليم البحري يُسهم في معالجة كثير من التحديات التي يعاني منها القطاع السمكي، وفي مقدمتها ضعف الكفاءة الفنية، والاعتماد على الأساليب التقليدية، وقلة الوعي بأهمية الجودة وسلسلة القيمة السمكية. فالمخرجات التعليمية المؤهلة قادرة على رفع جودة الإنتاج، وتحسين عمليات الحفظ والتسويق، وفتح آفاق جديدة للتصنيع السمكي وزيادة القيمة المضافة للمنتج المحلي.
ويمثّل تشجيع خريجي الثانوية العامة على الالتحاق بالتخصصات البحرية خطوة مهمة لضمان استدامة القطاع على المدى الطويل، حيث يتيح ذلك خلق جيل جديد من الكوادر الوطنية المؤهلة، القادرة على مواكبة التطورات العلمية والتقنية في مجال الثروة السمكية. كما يُسهم التعليم الفني في توفير فرص عمل حقيقية للشباب، والحد من البطالة، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في المجتمعات الساحلية.
ولا يقتصر دور التعليم البحري على الجانب الاقتصادي فحسب، بل يمتد ليشمل الجانب البيئي، من خلال ترسيخ مفاهيم الصيد المسؤول، وحماية البيئات البحرية، والالتزام بالمواسم والضوابط المنظمة للصيد، بما يضمن الحفاظ على المخزون السمكي للأجيال القادمة.
إن النهوض بالقطاع السمكي في اليمن يتطلب رؤية شاملة تجعل من التعليم البحري أولوية وطنية، وتعمل على تطوير المعاهد المتخصصة، وربط برامجها باحتياجات القطاع، وتعزيز الشراكة بين الجهات التعليمية والمؤسسات المعنية بالثروة السمكية. فبالعلم والتأهيل، يمكن للثروة البحرية أن تتحول إلى رافعة حقيقية للتنمية المستدامة، ومصدر فخر وازدهار لليمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى