
اليمن الزراعية- المهندس عبدالله المراضي
يُعد موسم عسل السدر من أهم مواسم إنتاج العسل في اليمن، حيث تُزهِر أشجار السدر في مناطق متعددة مثل دوعن، العصيمات، وصعدة، والجوف وحجة،وتهامة وغيرها من المناطق وتفوح منها رائحة الرحيق الزكي الذي يمنح العسل نكهته المميزة وقيمته العالية.
ويُمثّل موسم السدر فرصة ذهبية للنحالين للحصول على منتج نقي ذي جودة عالية، شريطة اتباع الإرشادات العلمية الصحيحة في عمليات الجني والفرز والتعبئة والتخزين، لتفادي تلف العسل أو فقدانه لجودته الطبيعية.
أولاً: علامات نضج العسل
قبل البدء بعملية القطف، يجب على النحال التأكد من نضج العسل داخل الأقراص الشمعية، إذ أن قطف العسل غير الناضج يؤدي إلى تخمره بسرعة وانخفاض جودته.
وتُعرف علامات النضج من خلال:
- تغطية العيون السداسية بالشمع الأبيض؛ وهي إشارة واضحة إلى أن العسل قد اكتمل نضجه.
- عند إمالة القرص الشمعي لا تسقط منه أي قطرة عسل.
- انخفاض واضح في نشاط الشغالات في جمع الرحيق، ما يدل على انتهاء موسم الفيض.
ثانياً: عملية قطف العسل
عند التأكد من نضج العسل، تُباشر عملية القطف باتباع الخطوات الآتية: - ارتداء ملابس الوقاية الخاصة بالنحال لحماية الجسم من لسعات النحل.
- التدخين على الخلية باستخدام المدخن لتهدئة النحل قبل الفتح.
- إزالة النحل من الأقراص المملوءة بالعسل بواسطة الفرشاة أو الهز الخفيف فوق الخلية ليتساقط النحل داخلها.
- قصّ الأقراص المملوءة بالعسل بحذر من اليمين إلى اليسار، وتجنّب ترك بقايا شمع على سقف الخلية.
- وضع الأقراص المقطوعة داخل سطل نظيف ومغلق بإحكام لمنع دخول النحل إليها.
- بعد الانتهاء من القطف، تُنظّف الخلية من بقايا العسل لمنع سرقة النحل بين الطوائف.
- نقل العسل إلى مكان الفرز المخصص بعيدًا عن المنحل، مع تجنب خلط أنواع العسل المختلفة (مثل السدر مع السمر).
ثالثاً: فرز العسل
تُجرى عملية الفرز في غرفة نظيفة ومحمية من الغبار والحشرات، ويفضّل أن تكون جيدة الإضاءة والتهوية.
وتتم عملية الفرز بإحدى طريقتين: - الفراز بالطرد المركزي:
•إزالة الأغطية الشمعية من الأقراص بسكين القشط.
•وضع الإطارات في الفراز وتحريكه باتجاه عقارب الساعة حتى يُستخرج العسل.
•تدوير الإطارات من الجهة الأخرى لإخراج العسل بالكامل.
•تصفية العسل الخارج من الفراز عبر مصفاة مزدوجة لحجز الشوائب. - فراز الكبس (للأقراص البلدية):
•هرس أقراص العسل داخل سطل نظيف.
•وضعها داخل قطعة قماش (تل) في فراز الكبس.
•الضغط ببطء حتى يخرج العسل النقي من الجوانب.
•جمع العسل المفروز في منضج معدني لإزالة الرغوة والشوائب تدريجيًا.
رابعاً: تصفية وإنضاج العسل
•بعد الفرز، يُترك العسل داخل المنضج لفترة تتراوح من أسبوعين إلى شهرين، حتى:
•تطفو الشوائب والفقاعات والرغوة إلى السطح.
•يتم إزالتها بشكل دوري للحصول على عسل صافٍ تمامًا.
•تُستخدم في هذه المرحلة غرابيل دقيقة الصنع من الاستيل لتصفية بقايا الشمع وحبوب اللقاح التي ترفع من حموضة العسل وتؤثر في مدة حفظه.
خامساً: تعبئة العسل وتغليفه
•يجب أن تُجرى عملية التعبئة في بيئة نظيفة ومعقمة، وارتداء الملابس الصحية المخصصة لتداول الأغذية (قفازات، كمامة، غطاء رأس، معطف أبيض).
•تعبئة العسل السائل في عبوات بلاستيكية أو زجاجية صحية (PT) بأوزان مختلفة (1 كجم، ½ كجم، ¼ كجم).
•إغلاق العبوة بإحكام لمنع تسرب الهواء أو دخول الرطوبة.
•وضع ملصق تعريفي (ليبل) يحتوي على نوع العسل، مصدره، وتاريخ التعبئة.
•بالنسبة لعسل الشهد (الأقراص)، يوضع في عبوات شفافة أو جروف بلاستيكية تحافظ على شكله الطبيعي.
سادساً: تخزين العسل
التخزين السليم هو الضمان للحفاظ على جودة العسل لفترات طويلة، ويجب مراعاة الآتي: - حفظ العسل في أماكن باردة وجافة بعيدًا عن أشعة الشمس المباشرة.
- درجة الحرارة المثالية للتخزين تتراوح بين 15 – 25 درجة مئوية.
- تجنّب وضع العسل قرب المواد ذات الروائح القوية (كالتوابل أو الوقود).
- يفضل تخزين العسل في عبوات زجاجية أو استيل غير قابل للصدأ لضمان بقائه طازجًا.
- عدم استخدام الأوعية المعدنية غير المطلية لأنها تتفاعل مع مكونات العسل.
ختاماً:
إن جودة العسل لا تتوقف على نوع المرعى أو كثافة الأزهار فحسب، بل تعتمد بدرجة كبيرة على التزام النحال بالطرق السليمة في الجني والفرز والتعبئة والتخزين.
فكل خطوة من هذه العمليات تمثل حلقة أساسية في الحفاظ على السمعة العريقة للعسل اليمني، الذي يُعد من أفضل أنواع العسل في العالم، لما يتميز به من نقاء وخصائص علاجية فريدة.








