
وزير الحاتمي
في عمق السواحل اليمنية الممتدة من ميدي شمالًا إلى المهرة شرقًا، تختزن البلاد ثروة بحرية هائلة لم تُستثمر بعد بالقدر الذي تستحقه؛ إنها الثروة السمكية، الكنز الأزرق الذي يمكن أن يتحول إلى رافعة اقتصادية كبرى تدعم الأمن الغذائي الوطني، وتفتح آفاقًا جديدة للتنمية المستدامة.
خلال السنوات الأخيرة شهد القطاع السمكي تحولًا نوعيًا في مستوى الاهتمام والرعاية، حيث أُعيد تنظيم العمل من خلال سياسات وإجراءات تسعى إلى ضبط عمليات الصيد، وتحسين بيئة التسويق، وتفعيل الدور التعاوني والمجتمعي في الرقابة والإنتاج، بما يحقق توازنًا بين الاستغلال الرشيد والحفاظ على المخزون السمكي للأجيال القادمة.
ويبرز دور قطاع الثروة السمكية كجهة إشرافية وتنظيمية في تعزيز الشراكة مع الجمعيات التعاونية للصيادين، ورفع الوعي بمفاهيم الصيد المسؤول، وإطلاق المبادرات التي تسهم في تطوير نقاط البيع وتنظيم الأسواق المحلية، بما يضمن عدالة الأسعار وإنصاف الصياد والمستهلك على حد سواء.
كما تشكّل برامج الإرشاد السمكي والتوعية البيئية ركيزةً أساسية في التوجيه السليم لممارسات الصيد، إذ تعمل على نشر الثقافة البحرية بين الصيادين والمجتمعات الساحلية، وتوضيح أهمية الالتزام بمواسم الإغلاق واشتراطات الجودة والحفظ، لضمان منتج آمن وصحي يصل إلى المستهلك.
في المقابل، تأتي أهمية الاستثمار السمكي كأحد المسارات الواعدة من خلال تشجيع القطاع الخاص على إنشاء مصانع ومعامل تجهيز وتبريد وتغليف الأسماك، بما يعزز القيمة المضافة للمنتج اليمني في السوقين المحلي والخارجي، ويسهم في توفير فرص عمل مستدامة.
إن البحر اليمني ليس مجرد مساحة مائية تزخر بالأسماك، بل هو مورد سيادي واستراتيجي يرتبط بالأمن الغذائي والاقتصاد الوطني والسيادة البحرية. وحماية هذا المورد وتنميته مسؤولية وطنية تتطلب تضافر الجهود الرسمية والمجتمعية، وتكاملًا في الأدوار بين الجهات الحكومية والاتحادات والجمعيات التعاونية.
ومع استمرار الجهود نحو بناء اقتصاد منتج ومكتفٍ ذاتيًا، يظل القطاع السمكي عنوانًا للفرص الواعدة، ومجالًا رحبًا للعطاء والعمل، وواجهةً حقيقية لصمود الإنسان اليمني العامل في مواجهة التحديات والمعاناة.




