د. يوسف المخرفي
يعد قطاع الدواجن قطاعاً أصيلاً ومتأصلاً في الأنشطة الاقتصادية اليمنية منذ القدم، ولكن ليس في الحقل أو المزرعة، بل في كل منزل يمني، مما يدل على حالتي إنتاج واكتفاء ذاتي منذ الأزل لكل منزل يمني من بيض ولحوم الدجاج.
ولم يعمد الإنسان اليمني على ترببة الدواجن(البلدي)وتغذيتها على الأعلاف الصناعية المحلية أو الخارجية، كما لم يعتمد على أعلاف خاصة بها في تغذيتها، بل من خشاش الأرض (ديدان- حبوب- أعشاب) وتحقيق أعلى جودة ومذاق مقارنة بالدجاج الأبيض الخارجي.
ونؤكد أننا بحاجة لآلاف الدراسات الشاملة لمرحلة الإجحاف والتفريط الاقتصادي الشامل الذي أعقب حركة التمدن الخاطئة عقب ثورة 26 سبتمبر 1962م- التي فتحت الشهية للاستيراد لكل شيء، ومنها الدواجن، وأضاعت موروثنا الحضاري الاقتصادي الزراعي الحقلي والمنزلي (النباتي والحيواني) وفي مقدمتها الدواجن أيضاً.
ويبلغ حجم الاستهلاك السنوي من لحوم الدواجن نحو 250 ألف طن ونحو 1.5 مليار بيضة، ويشكل الإنتاج المحلي نحو 68% ليعفي البلاد من فاتورة استيراد سنوية مضطردة تزيد عن 700 مليون دولار، فيما ما تبقى من استيراد يكلف الوطن نحو 200 مليون دولار سنوياً.
وفي الآونة الأخيرة اتجه المستثمرون المحليون نحو إنشاء مصانع أعلاف الدواجن حتى تم تحقيق الاكتفاء الذاتي من تلك الأعلاف، وتحتاج فقط إلى تحقيق توازن سعري مناسب ومستقر لها، كما نأمل أن يهتم المستثمرون بإنتاج أدوية الدواجن لتحقيق إنتاج مستدام من الدواجن، بما يساهم في تعزيز السيادة الوطنية واستقلال القرار اليمني.
تجدر الإشارة إلى أن مفهوم الدواجن في اليمن يقتصر على الدجاج البياض واللاحم فقط دون أن يشمل الديك الرومي والبط والأوز والحمام، كما في مصر مثلاً الذي يشمل جميع ما ذكر.
وقد عرضت إحدى الدراسات البيئية مخاوف ناتجة عن انعدام الرقابة البيئية لمصانع إنتاج أعلاف الدواجن، من قبيل استخدام زيت السمك ضمن تركيب تلك المنتجات، كما يعمد البعض على تجميع مخلفات المجازر وتجفيفها وطحنها كأعلاف للدواجن، وفي هذه الحالة تصبح الدواجن ضمن آكلات اللحوم التي يحرم أكلها، لأضرارها الصحية، وفي مقدمتها تفشي سرطان سداسي كروم القاتل، كما حدث في دولة النيبال الآسيوية، بالتالي نؤكد على قيام الهيئة العامة للبيئة والتغير المناخي وقطاع صحة البيئة بدورهما، في الحد من هذه المخاطر.
أما قطاع الدواجن في ميزان العدالة الاقتصادية للمنتج والمستهلك، فحري بقطاع الدواجن اتباع آلية وزن الدواجن استناداً إلى أحجامها في ضوء قيمة سعرية للكيلوجرام من لحوم الدواجن وحتى أحجام البيض واختلاف أسعارها وفقاً لأحجامها لما من شأنه تحقيق العدالة الاقتصادية بين المنتج والمستهلك.
وبالنظر إلى التجارب الدولية والإقليمية، ففي مصر مثلاً يتم وزن الدواجن حية وتحديد سعرها في ضوء حجمها وقيمة سعرية ثابتة للكيلو جرام الواحد منها، كما يتم وزن المواشي من أغنام وعجول وأبقار وتحديد سعرها بناء على نتائج أوزانها.
كما تجدر الإشارة إلى أثر تغيير المناخ في اليمن، واتجاه درجة الحرارة نحو الارتفاع بشكل سنوي عن سابقه، مما يفرض تحديات على ضرورة تكييف درجة الحرارة من جهة، ويحول دون تفشي الأمراض الفيروسية التي تصيب الدواجن، وبالتالي نفوقها من جهة أخرى.
*أستاذ العلوم البيئية والتنمية المستدامة المساعد بجامعة 21 سبتمبر للعلوم الطبية والتطبيقية