
يوسف صبره
في قلب اليمن المعطاء، حيث تختلط أصوات المعارك مع صرخات المعاناة اليومية، بزغت شخصية استثنائية حملت على عاتقها رسالة وطنية سامية، هي شخصية الشهيد الدكتور رضوان الرباعي، وزير الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية. لم يكن مجرد مسؤول حكومي، بل كان قائدًا مجتمعيًا ومُلهمًا لكل من آمن بأن العمل من أجل الوطن واجب مقدس وضرورة لصمود الأمة.
تميز الدكتور الرباعي برؤية واضحة ومعرفة عميقة بواقع اليمن الزراعي والسمكي، فأسس نهجًا تنمويًا يربط بين العلم والعمل، ويعتمد على تطوير الموارد المحلية، والارتقاء بالقطاع الزراعي والسمكي لضمان الأمن الغذائي والاستدامة. لم يقتصر جهده على الخطط النظرية، بل كان حاضرًا على أرض الواقع، يعمل بلا كلل لتعزيز الإنتاج المحلي، تحسين السلالات النباتية والحيوانية، تطوير مصائد الأسماك، وتوسيع شبكات الري الحديث، مؤمنًا بأن الزراعة هي جبهة الصمود الحقيقية للشعب اليمني في مواجهة الحصار والأزمات.
لقد ترك الشهيد الرباعي أثرًا لا يُمحى في وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية ضمن حكومة التغيير والبناء، حيث كان سبّاقًا في إطلاق المبادرات التي تهدف إلى تأمين الغذاء للشعب اليمني في ظل الحصار الظالم. وفي خضم هذه الجهود المباركة، جاء استهداف حكومة التغيير والبناء مع رئيس الحكومة ورفاقهم من قبل أشرار خلق الله، الذين عُرفوا منذ القدم في استهداف الصالحين، ظانين أنهم يستطيعون إيقاف عجلة التنمية وهزّ إرادة الشعب. لكن هذه الأعمال الإجرامية لم تُضعف اليمنيين، بل زادتهم صلابة وعزيمة، وزادتهم إصرارًا على مواجهة العدوان ودعم الشعب الفلسطيني. لقد كان استشهاد الدكتور الرباعي رسالة واضحة بأن الجبهة التنموية في اليمن مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بصمود الأمة، وأن التنمية هي جزء من المعركة الكبرى لتحقيق الاكتفاء الذاتي والاستقلال الوطني.
لقد كان الدكتور الرباعي قدوة في الإخلاص والتفاني، يجمع بين القيادة الإدارية والعمل الميداني، ويحث المجتمع على المبادرة التطوعية، وتعزيز روح التعاون، والاعتماد على الذات. كانت مبادراته دائمًا موجهة لخدمة المواطن، وتأمين الغذاء، ومواجهة التحديات الاقتصادية والصعوبات المعيشية، ليصبح اسمه مرتبطًا مباشرة بكل إنجاز زراعي وتحسين محاصيل محلية في اليمن.
إن الشهداء في طريق القدس هم فخر الأمة وعزتها، وعملهم الصادق يترك أثرًا خالدًا في الذاكرة الوطنية. استشهاد قامات مثل الدكتور الرباعي خسارة كبيرة، لكنها لا تمحو أثر تضحياتهم، بل تبقى سيرتهم وأخلاقهم دروسًا يُستلهم منها العزم والإصرار والإيمان بالقدرة على التغيير. لقد علمنا أن التنمية الحقيقية لا تُقاس بالأرقام فقط، بل بالإيمان، والولاء للوطن، والقدرة على العطاء حتى آخر نفس.
عندما نعزّي أنفسنا في هؤلاء الأبطال، ندرك أنهم أحياء عند ربهم، وتركوا إرثًا من العمل الصالح، والتفاني في سبيل الوطن، وتضحياتهم زرعت بذور الأمل لمستقبل يمنٍ مزدهر. إن سيرة الشهيد الدكتور رضوان الرباعي تذكّرنا دومًا بأن الصمود والجبهة التنموية والإرادة القوية أساس نهضة وطنية حقيقية، وأن أثره مستمر في تعزيز العمل التطوعي، المبادرات المجتمعية، وضمان الأمن الغذائي للشعب اليمني.
الشهيد الدكتور رضوان الرباعي سيظل رمزًا للوفاء، والعمل الصادق، والتضحية في سبيل الوطن، ومعلمًا للأجيال القادمة على أن التنمية الحقيقية تبدأ من الإيمان بالوطن، والصبر على التحديات، والعمل بلا كلل لخدمة الناس والأرض.
*مدير عام الإرشاد والتدريب الزراعي