إرشاداتصحافة

الشهيد الدكتور رضوان الرباعي ورفاقه الشهداء: بصمات لا تمحوها الأيام

مهدي معياد

في سجل الوطن تُحفر أسماء لا تمحوها الأيام، وتظل ذكراها حيّة في القلوب، لا لشيء إلا لعظمة ما قدّمته. ومن بين هؤلاء، يضيء اسم الشهيد الدكتور رضوان الرباعي، وزير الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية، كرمزٍ للعطاء المتواصل، إلى جانب رفاقه الشهداء من وزراء حكومة التغيير والبناء، وفي مقدّمتهم رئيس الحكومة الشهيد أحمد غالب الرهوي.
رحيلهم جميعًا كان خسارة فادحة للوطن، وفقدًا لأيقوناتٍ حملت هموم الشعب ووقفت إلى جانبه في أصعب الظروف وأقسى المِحن.
لم يكن الدكتور رضوان مجرد وزير، بل كان مزارعًا بقلبٍ رحب، وصيادًا بضميرٍ حي، وإداريًا ذا بصيرةٍ نافذة، يرى في كل قطرة ماء، وكل سنبلة قمح، وكل سمكة في البحر، فرصةً لبناء وطن كريم؛ جامعًا بين العمق الأكاديمي والرؤية الاستراتيجية، وبين القرب من الناس والتفاني في خدمتهم.
امتدت بصمته لتشمل كل شبرٍ من أرض اليمن، وكل ذرةٍ من مياهها. فلم تكن وزارته مجرّد مبانٍ ومكاتب، بل كانت ميدانًا للعطاء، وساحةً لتجسيد قيم الوفاء والإخلاص.
في الحقول، كان يرى في كل مزارعٍ شريكًا في صون الأمن الغذائي. ولم يقتصر عمله على توفير البذور والأسمدة، بل امتدّ إلى تمكين المزارع، ورفع كفاءته، وتزويده بالمعرفة الحديثة؛ لضمان محصولٍ وفير وحياةٍ كريمة، مؤمنًا بأن قوة اليمن تبدأ من أرضه الخصبة وسواعد أبنائه.
وفي أعماق البحار، كان للصيادين نصيبٌ وافرٌ من اهتمامه. إذ لم يغفل عن تحدياتهم اليومية، بل عمل على دعمهم بالقروض الميسّرة، وتطوير أدواتهم، وتحسين ظروف عملهم، مدركًا أن رزق البحر شريان حياةٍ للأسر اليمنية.
وكانت رؤية كل قاربٍ يُبحر، وكل شبكةٍ تُرمى، وعدًا في قلبه بمستقبلٍ أفضل.
وامتدّ عطاؤه ليشمل إدارة الموارد المائية بحكمةٍ ورؤيةٍ ثاقبة، مدركًا قيمة كل قطرة ماء في بلدٍ يعاني من ندرتها. فكان حارسًا للثروة المائية، ومدبّرًا لمصير الأجيال؛ نموذجًا حيًا للإيثار والتواضع، لا يسعى للمناصب أو الشهرة، بل كان دافعه خدمة الناس.
وفاؤه لوطنه لم يعرف كللًا أو مللًا، والعقل الراجح والأخلاق الكريمة كانا ميزته في كل قرار. وكان حبّ الشهادة والتضحية في قلبه نبراسًا ونهجًا.
رحيل الشهيد الدكتور رضوان الرباعي ورفاقه الشهداء، وفي مقدّمتهم رئيس الحكومة أحمد غالب الرهوي، شهداءَ الفتح الموعود، خسارةٌ كبيرة.
لكن إرثهم باقٍ حيًّا في كل حقلٍ يُزرع، وفي كل قاربٍ يُبحر، وفي كل يدٍ تمتدّ بالعطاء. ستظلّ ذكراهم محفورةً في قلوب من عرفوهم، وفي سجلّ الوطن كواحدٍ من رجاله الأوفياء الذين وهبوا حياتهم لخدمة شعبهم.
رحم الله الشهيد الدكتور رضوان الرباعي، وأسكنه فسيح جناته، ورحم جميع رفاقه الشهداء، وجعل ما قدّموه في ميزان حسناتهم، ورفع ذكراهم شرفًا وعزًّا للأبد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى