إرشاداتصحافة

الشهيد الدكتور رضوان الرباعي.. فارس التنمية الذي أبى إلا أن يرحل شامخًا

علي أحمد الهارب

وترجّل فارس البناء والتنمية، الشهيد الوزير رضوان الرباعي، ليلتحق بكوكبة من رفاقه في ركب العظماء، حيث يزهر المجد بالشهداء.
رضوان… لك من اسمك نصيب؛ نلت رضى الله فاصطفاك شهيدًا، ونلت رضى الناس فأحبوك حيًا، وها هم اليوم يبكونك بعد الرحيل.
ما الذي كان بينك وبين الله حتى يبكيك الكبير والصغير؟
ما الذي زرعته في القلوب حتى أدمى رحيلك العيون؟
ما الذي أخفيته من أعمال الخير حتى شهد لك الناس بعد الرحيل؟
أية يدٍ مددتها في الخفاء حتى رفعتها الدعوات في العلن؟
إنها علاقة خفية، صافية، لا تُعرف تفاصيلها إلا في صحائف السماء… إنه الصدق مع الله، والإخلاص، وحب الخير للناس.
لقد فقدت الساحة الوطنية واحدًا من أعلامها ورجالاتها وأبرز مفكريها المخلصين، برحيل شهيد القدس، وزير الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية الدكتور رضوان الرباعي، الذي ارتقى شهيدًا إثر قصفٍ صهيونيٍ غادر يوم الخميس الماضي.
رحل بعد أن ترك بصمات واضحة، وإنجازات خالدة في مسيرة حياته، بفضل إخلاصه وعطائه المتواصل.
كان صادقًا كل الصدق، مجتهدًا كل الاجتهاد، نشيطًا لا يعرف الكلل أو الملل، وكان مثالًا للمعلم الناجح، والمربي المخلص، وسبّاقًا للعمل الخيري الداعم للعملية التعليمية، حيث عمل في الجمعية الطلابية التي أسسها الشهيد الدكتور عبدالله الحمزي لدعم الطلاب المحتاجين.
واصل بعدها دراساته العليا خارج الوطن بجدٍّ واجتهاد حتى حصل على الماجستير والدكتوراه، ثم عاد إلى جامعته ليعمل عضوًا في هيئة التدريس، فكان من الكفاءات التي أسهمت في رفع مستوى التعليم.
وفي العام 2015م، عُيِّن عميدًا لكلية العلوم المالية والمصرفية بعبس في ظروف استثنائية صعبة، فأدارها بعقلية القائد الرشيد الذي يرى في المنصب رسالة ومسؤولية وتضحية.
وأذكر أنه عند وصوله إلى الكلية بعد التعيين، وجّه بتشغيل الكهرباء، فقيل له: إن المولد يحتاج إلى صيانة والموازنة لا تسمح.
فبادر براتبه لشهر فبراير لإصلاح “الماطور”، وما تبقى من راتب شهر مارس لتوفير الديزل.
انتقلت الكلية في عهده نقلة نوعية.
ثم عُيِّن بعدها نائبًا لرئيس جامعة حجة، ليواصل مسيرة العطاء، حتى بلغ قمة المسؤولية الأكاديمية رئيسًا للجامعة، حيث شهدت الجامعة في عهده تطورًا ملحوظًا في مختلف المجالات الأكاديمية والإدارية.
اتخذ عدة قرارات حالت دون توقف التدريس في كليات عبس، رغم أن العدوان كان على أشده في تلك الفترة، وحافظ على مكتسبات الجامعة، ودعم كلياتها المختلفة في حجة وعبس.
عُيِّن بعد ذلك نائبًا لوزير الزراعة، ثم وزيرًا للزراعة، حيث عمل في الوزارة بروح الأب والقائد والمعلم والمربي.
بفقدان الشهيد الدكتور رضوان خسرنا أبًا وقائدًا جمع بين الحزم والرحمة، وبين القيادة الحقيقية والإنسانية النادرة.
كان قريبًا من الجميع، لا تفصل بينه وبين موظفيه حواجز أو مكاتب مغلقة، يتعامل مع الكبير والصغير بروح الأخ والأب الحنون.
لم يجرح يومًا خاطر أحد، بل كان يستمع للجميع باهتمام، ويولي أدق التفاصيل عناية خاصة، فلا يُهمل أحدًا، ولا يتجاهل حاجة أو صوت.
استوعب الكادر العامل في الوزارة بكل حب وصبر، وكان سندًا قويًا أمام الجهات الخارجية، ومدافعًا عن حقوق موظفيه إذا واجهتهم مشاكل أو صعوبات.
كان يكلّفنا بالمهام الجديدة بروح المعلّم، يشرح ويوجه حتى نفهم ونتقن، مقدرًا ظروفنا في كل الأوقات، ومخففًا عنا أعباء العمل بما يملك من إنسانية وطيبة قلب.
رحل الشهيد الدكتور رضوان الرباعي، لكنه ترك في قلوبنا فراغًا لا يملؤه أحد، وذكرى خالدة لرجل عاش قائدًا وعاملًا وأبًا، رحل جسدًا وبقي أثره شاهدًا على نبل أخلاقه وعظمة روحه.
إن سيرته الطيبة ستظل خالدة في ذاكرة كل من عرفه، زميلًا كان، أو طالبًا، أو صديقًا، فقد جمع بين العلم والخلق، بين الحزم واللين، وبين القيادة والتواضع.
رحيله خسارة كبيرة، لكن أثره باقٍ في نفوسنا، وعطاؤه ممتد عبر الأجيال.
كان قدوة في الالتزام والنزاهة والتفاني، ورمزًا للعلم والعمل والتنمية والبناء.
وداعًا أيها الشهيد،
وداعًا يا من نذرت حياتك في سبيل الله،
خدمةً للمجتمع والبلاد والأمة كلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى