قصص نجاح

المركز الأول لبذور السدر في اليمن: يعيد لشجرة السدر مكانتها

اليمن الزراعية – محمد حاتم

في ورشة صغيرة، حيث يتناثر الحديد والأدوات، بدأ شاب طموح رحلة لم يكن أحد يتوقع لها أن تتحول إلى نموذج للإبداع والنجاح. كان هدفه بسيطًا في بدايته: إيجاد منتج محلي يمكن إنتاجه بكفاءة، يضيف قيمة للسوق اليمني ويستفيد منه المجتمع. وبعد البحث والتجربة، وقع اختياره على الدوم أو ما يعرف بنواة السدر، تلك الشجرة المباركة التي تحمل فوائد صحية وغذائية واقتصادية لا حصر لها.
بدأ فضل الصمدي مشروعه بخطوات متواضعة، حيث صنع آلات للفرز، وآلة لنزع اللب، وأخرى للكسر، وآلة للطحن. كانت البداية في نهاية عام 2015م مع كميات محدودة من أكياس الدوم القادمة من مناطق معينة، لكن الإصرار والاجتهاد كانا دافعهما الحقيقيان. مع مرور الوقت، تطورت التجربة، وازدادت أعداد الطلبات من مختلف المحافظات، ليخرج من هذه القصة المركز الأول لإنتاج بذور السدر في اليمن.
اليوم، لا يقتصر الإنتاج على بذور السدر فقط، بل أصبح المركز يوفر مجموعة واسعة من المنتجات:

  1. نواة السدر نفسها، التي عليها إقبال كبير وتباع بكميات ضخمة لأصحاب محلات البهارات والعطارة، وتستخدم في العلاجات الشعبية لما لها من فوائد صحية.
  2. طحين السدر لتحضير عصير السدر ذو المذاق الرائع، والذي يمتاز بفوائد غذائية كبيرة.
  3. أعلاف حيوانية طبيعية تُسهم في زيادة إنتاج الحليب وتحسين جودة المنتجات الحيوانية.
  4. بذور السدر الزراعية التي تُباع للمشاتل والجمعيات بهدف إعادة زراعة ونشر أشجار السدر، بما يعزز الحفاظ على هذه الثروة الطبيعية ويحد من الاحتطاب العشوائي.
    شجرة السدر ذات أهمية كبيرة من النواحي الغذائية والصحية، فهي تحتوي على عناصر طبيعية مضادة للأكسدة، وتساهم في تحسين الهضم وتعزيز المناعة. ثمارها وبذورها تُستخدم في تحضير عصائر ومكملات غذائية، كما أن أوراقها وثمارها تدخل في بعض العلاجات الشعبية لما لها من تأثيرات مطهرة ومنشطة للجسم. انتشار أشجار السدر في اليمن يوفر مادة غذائية طبيعية، ويُعد من الموارد البيئية الفريدة التي يمكن أن تدعم الاقتصاد المحلي وتحافظ على التنوع البيئي.
    نجاح المركز لم يكن مجرد تحقيق أرباح، فقد أسهم المشروع في إحياء شجرة السدر التي كانت مهددة بالاحتطاب والاندثار، بعد أن أصبح للدوم قيمة اقتصادية حقيقية، وبدأ الناس يهتمون بالسدر ويحافظون عليها، وتترسخ قيمتها في المجتمع. فمع ارتفاع الطلب على منتجات الدوم والسدر، أصبح للمزارعين والمجتمعات المحلية سبب حقيقي للحفاظ على الأشجار بدلاً من قطعها، وتحقيق دخل مستدام من هذه الثروة الطبيعية الفريدة.
    قصة هذا المركز هي شهادة على أن الإبداع والاجتهاد يمكن أن يصنعا نهضة محلية من أبسط الموارد، وأن العمل الصادق يمكن أن يتحول إلى أثر دائم يحمي البيئة ويخدم المجتمع. من ورشة حدادة بسيطة، خرج مركز وطني يفتخر به اليمنيون، يزرع الأمل ويعيد الحياة لشجرة السدر العريقة، ويثبت أن الإرادة والعزيمة يمكن أن تصنع المستحيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى