
م. زياد صالح النهمي
لم يرد الله لشهيدنا الدكتور رضوان، رضوان الله عليه، أن يموت متكئًا على فراشه، لأن العظماء كالأشجار لا تسقط إلا واقفة شامخة، ولم يرد الله له إلا أن يرحل شامخًا في أقدس وأشرف قضية له ولرفاقه الشهداء، هذا ما يريده الله للعظماء.
لقد كان الشهيد الدكتور رضوان الرباعي، شخصية كاريزمية عظيمة استطاعت أن تتخلص من أهواء النفس وزيغها، حازت الشمولية والكمال في النزاهة والعزة والشموخ، وحملت الشجاعة والإباء، واستطاعت أن تحمل هموم الشعب ومعاناته، وافية بالقسم الذي أُقسم للشعب، وتجاوزت كل المعوقات.
منذ الوهلة الأولى التي أُعلِن فيها وزيرًا للزراعة والثروة السمكية والموارد المائية، كان يفهم جيدًا أن المهمة في غاية الصعوبة، عارفًا بكل تأكيد أن السلطة غرقٌ في مستنقع من يعشقها، يعرف أن مصيره السقوط بين أهواء النفس، إلا من رحم ربي. فبذلك أخذ الشهيد الرباعي المهمة مجاهدًا نفسه وهواها، مجسدًا شخصية الإمام علي عليه السلام حين أخذ الخلافة قائلًا: “الخلافة هذه لا تساوي عندي شراك نعلي هذا إذا لم أقم حقًا أو أُميت باطلًا”. وهكذا كان الشهيد الدكتور رضوان الرباعي يُقيم الحق ويصارع الباطل، وبقي أنموذجًا راقيًا لمن يعشق السلطة ويَلهث وراءها.
عندما تولى مهمة وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية، حينها بدأت التنمية القرآنية تتفتح زهورها، في كل سهول ووديان وروابي اليمن، وكأنه كان الماء والغذاء، بعد أن أُصيبت بداء التنمية المشوّهة، تلك التنمية التي أصابت كل أغصان اليمن في كل وادٍ.
واجه وزيرنا الشهيد القوى العدوانية الصهيونية من خلال رؤية قرآنية ترسّخ أسسًا وقواعد صحيحة، ومبادئ وشروطًا لسياسة دولة قوية ذات سيادة مستقلة، تُلبّي كل الاحتياجات، وتبني اقتصادًا وطنيًا، وتحقق التنمية المستدامة وفق هدى الله. هكذا كان يرسم الشهيد الطريق السليم في مثل هكذا ظرف تمر به البلاد، وعلى هذا الطريق ترجّل الشهيد عن صهوة جواده مجاهدًا عظيمًا في أقدس معركة وأشرف قضية.
لم يفهم العدو الصهيوني أن الشهيد سيظل محفورًا في قلب كل يمني، نتوارثه جيلًا بعد جيل.
صحيح أن جسده الطاهر غاب، وأن شكله توارى خلف حجاب، ولكن آثاره التنموية، بكل تأكيد، لا.. ولن… تغيب؛ إذ الغياب الحقيقي هو غياب من لا يملك أثرًا طيبًا، ولا فكرًا، ولم يَبْنِ موقفًا، ولم يُناضل عن حرية مفقودة وكرامة موؤودة، وأمة مهيضة. وقد كان “الدكتور رضوان الرباعي” صالح العطاء والخير لكل جيل. وستظل آثاره تعطي الخير والنماء والخصب، وهو بما أعطى وما وهب، ليس من أولئك الذين يلفّهم ضريح، ويواريهم قبر، وتُعفَى على آثارهم سوافي الزمن؛ وإنما هو صوت لا يموت، سيظل في ظروفٍ مشابهة يُلهم إلى الطريق المستقيم، وسيبقى أيقونة الشموخ والعطاء، وشهيدًا خالدًا على طريق القدس، ورمزًا خالدًا يُلهم الأحرار معنى مواقف الرجال الصادقين مع الله.




