إرشاداتصحافة

الشهيد الدكتور رضوان الرباعي: قامة في جبهة التنمية والصمود

د. محمد الضوراني

عندما بدأ العدوان الغاشم على اليمن، هبّ أبناء الشعب الشرفاء في كل الميادين لمواجهته وإفشاله. في خضم هذه المواجهة الشاملة، لم تكن جبهة التنمية والصمود أقل أهمية من الجبهات العسكرية، فكانت بمثابة الأساس الذي يُعزز من قدرة الشعب على البقاء والصمود. في هذه الجبهة الحيوية، كان الشهيد الدكتور رضوان الرباعي في طليعة من تحركوا، مُؤسسًا لعمل تنموي مجتمعي ينبع من إيمان راسخ، ويستنهض همم المجتمع في العمل الطوعي والبناء. لم يكن دوره مجرد مسؤول حكومي، بل كان قائدًا مجتمعيًا يؤمن بقدرة الأفراد على تحقيق التغيير من خلال العمل الجماعي والاعتماد على الذات.
لقد ترك الشهيد الرباعي بصمة لا تُمحى في وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية ضمن حكومة التغيير والبناء. كان سبّاقًا في إطلاق المبادرات التي تهدف إلى تأمين الغذاء للشعب اليمني في ظل الحصار الظالم. لم يكتفِ بالخطط النظرية، بل كان يعمل بجد على أرض الواقع، مُسخّرًا خبرته وعلمه لتعزيز الإنتاج المحلي. كان إدراكه العميق بأن جبهة الزراعة تمثل أساس صمود الشعب اليمني، دافعه إلى دعم كافة القطاعات الزراعية، من الري الحديث إلى تحسين السلالات النباتية والحيوانية، وصولًا إلى تطوير مصائد الأسماك، مما أثمر نتائج قوية وساهم بشكل مباشر في تخفيف المعاناة عن المواطنين.
لقد ظن العدو الصهيوني الأمريكي أن استهداف قيادات الحكومة والوزراء سيُوقف عجلة التنمية والبناء، ويهزّ عزيمة الشعب. لكنّ هذه الأعمال الإجرامية لم تزد اليمنيين إلا قوة وتماسكًا وعزيمة على مواجهة العدو المجرم ومساندة الشعب الفلسطيني. إن تضحياتهم كانت بمثابة وقود جديد يُعزز من إصرار الشعب على تحقيق الاكتفاء الذاتي والتحرر من التبعية. لقد كان استشهاد الدكتور الرباعي رسالة واضحة بأن التنمية في اليمن مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بقضية الأمة الكبرى.
إن الشهداء في طريق القدس لهم فخر العزة والشموخ بمواقفهم الثابتة وأعمالهم الصادقة، فهم رجال المرحلة وفخر الأمة. إن استشهاد قامات مثل الدكتور رضوان الرباعي هو خسارة كبيرة، ولكن تضحياتهم العظيمة وعملهم الدؤوب سيستمر، وستظل سيرتهم العطرة وأخلاقهم دروسًا يُستقى منها العزم والإلهام. هم من علمونا أن التنمية الحقيقية لا تُقاس بالأرقام فحسب، بل بالروح الإيمانية والوطنية، والقدرة على العطاء حتى آخر نفس.
عندما نعزّي أنفسنا في هؤلاء الرجال الصادقين، فإننا ندرك أنهم لم يرحلوا، بل أصبحوا أحياء عند ربهم، نالوا الفوز العظيم في قضية الحق والعدل. لقد زرعوا بدمائهم الطاهرة بذور الأمل والكرامة، لتُثمر نهضة يمنية قادمة، أساسها الصمود والتضحية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى