إرشاداتصحافة

الشهيد الرباعي.. الصابر الذي ودّع الوطن شهيدًا

أيمن الرماح

في لحظاتٍ يغيب فيها الرجال العظام، وتترجّل فيها الهمم الكبيرة، يخطّ التاريخ صفحاته بحروفٍ من دماءٍ طاهرة وذكرياتٍ باقية. ترحل الأجساد، لكن تبقى المواقف، ويغيب الصوت، لكن الصدى يملأ الأسماع والقلوب. وهكذا ودّع الوطن واحدًا من أبنائه الذين حملوا الرسالة بإخلاص، وساروا على درب التضحية حتى آخر لحظة.
إنه الوزير الشهيد رضوان الرباعي، الذي فقدناه، وفقد معه الوطن أحد أبرز رجاله المخلصين، الذين كرّسوا حياتهم لخدمة الأرض والإنسان. كان رمزًا للإصرار والعطاء، إذ حمل همّ الزراعة والأمن الغذائي، وعمل على تطوير هذا القطاع الحيوي رغم كل التحديات.
كان الفارس الصابر مثالًا للرجل المثابر، الصادق، والصابر، الذي تحمّل مراحل الحياة بروحٍ عالية، منذ نعومة أظافره، وحتى ارتقائه شهيدًا. امتاز ببساطته وتواضعه، وارتبط اسمه بالعمل الميداني أكثر من المكاتب الرسمية، فكان يزور المزارعين، ويستمع إلى همومهم، ويبحث عن حلولٍ واقعية لمشاكلهم. عُرف بحسن تعامله، وطيب معشره، وحرصه الدائم على أن تكون المسؤولية تكليفًا لا تشريفًا.
ترك رجل الزراعة والإخلاص إرثًا مميزًا في القطاع، فقد أشرف على مشاريع تنموية تهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، وركّز على تحسين أساليب الري وإنتاج المحاصيل الاستراتيجية، ودعم المزارعين بالخبرة والتدريب. كما حرص على إدخال تقنياتٍ حديثة، وإدارة موارد المياه والتربة بكفاءة، مما أسهم في رفع الإنتاج وجودة المحاصيل، وترسيخ مفهوم التنمية المستدامة.
كان المثال الوطني للصبر والعطاء، إنسانًا لا يعرف الكلل، يعمل بصمت، ويُعطي بإخلاص، جامعًا بين العلم والخبرة، والفكر والخُلق. وفي لحظةٍ غادرة، ترجّل الفارس وارتقى، ليكتب بدمه شهادة الحق على درب الأحرار.
نستذكر سيرته ومسيرته العملية، التي جسّدت معنى التضحية والإخلاص، وندعو الله بالشفاء العاجل للجرحى، ونشاطر أسرته الكريمة والوطن أحزاننا، ونعاهدهم أن دماءه ستظل أمانة ووصية في وجداننا.
رغم أن الدمع قد فاض، والقلب قد انقبض، إلا أننا نرفع راية العهد: قادمون على دربه، لن نكلّ ولن نملّ، ما دام فينا نفسٌ يتردد، وقلمٌ يتحدّد، وعرقٌ يتجدّد.
رحم الله الوزير الشهيد رضوان علي بن علي الرباعي، وأسكنه فسيح جناته، وجعل دمه الطاهر منارةً لكل الأحرار، وشفى جرحانا، وحمى وطننا من كيد المعتدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى