إرشاداتصحافة

إرثٌ مــــن العطـــــاء.. تُـــــوِّج بالشهـــــادة

د. عبدالغني سداح

الواقع مرير، والخسارة فادحة، لكن عزاءنا أنه شهيد…
هكذا ودّعنا قائدًا زراعيًا وطنيًا شامخًا، الشهيد المناضل الدكتور رضوان علي علي الرباعي، وزير الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية.
لقد رحل عنّا وقلوبنا تعتصر ألمًا وحزنًا، ومشاعرنا مثقلة بالفقد، إلا أن العزاء الأكبر هو أن خاتمته كانت كما عاش: كريمًا في عطائه، عظيمًا في خدمته، شهيدًا في سبيل الله والوطن.
كان الشهيد الدكتور رضوان الرباعي أيقونة في البذل والعطاء، ورمزًا للتفاني والإخلاص. خاض أيامه في خدمة الوطن بكل صدق، وعلى تراب هذا الوطن الطاهر ارتقت روحه الزكية إلى بارئها، مخلفًا وراءه أثرًا لا يُمحى.
كان فينا الأب، والقائد، والمعلم. لم يكن يفكر كما يفكر المعتادون، ولم يعرف طريقًا لليأس، بل كان دائمًا يقفز بفكره خارج الصندوق، يبحث عن الحلول في أحلك الظروف، ويُصرّ على بلوغ الهدف، ثم يبدأ في ترجمة الرؤى إلى واقع ملموس.
لم تكن مسيرته قصة عام لشخصية وزارية عابرة، بل كان عامه الوزاري يُعادل ألف عام من العمل والإنجاز. لم يكن فيه إلا باحثًا عن الحلول، صانعًا للمعجزات، ومترجمًا لأوراق الخطط والملفات إلى مشاريع قائمة تخدم المزارعين والصيادين وأبناء هذا الشعب المحاصر.
لم يعتد الشهيد على الجلوس خلف مكتبه، بل شمر عن ساعديه، وانطلق إلى الميدان، حيث اختار أن تكون خطواته العملية شعاره الدائم: “الاكتفاء الذاتي”. وكان هدفه نهضة تحفظ لهذا الشعب كرامته وحقه المسلوب في الغذاء، وسط حصار لا يترك جانبًا من جوانب الوطن إلا طاله.
لم يكن مجرد وزيرٍ يشغل منصبًا، بل كان رمزًا من رموز النهضة الزراعية، وبانيًا حقيقيًا لمشروع وطني مستقل. كان كما كان يوسف على خزائن مصر، وقد مضى العدو في محاولات إيقاف مسيرته، لكن الشهيد ترك من خلفه طريقًا معبّدًا لمن أراد أن يحمل همّ لقمة هذا الشعب المحاصر من كل الجهات، من أعداء الأمة والدين.
فسلامٌ على روحه الطاهرة، الحرّة، الأبيّة، الشجاعة، التي لم تتراجع يومًا عن أداء الواجب، انطلاقًا من مسؤوليته الدينية والوطنية.
لقد عاش قدوةً لكل من رافقه وعمل معه، وارتقى فخرًا بالشهادة إلى جنات الخلد، مقبلاً غير مدبر، ثابتًا على الدرب.
ودّعناه والدمعة في العين، والجرح في القلب، لكن عزاءنا الثابت أنه ختم مسيرة العطاء والجهاد والتفاني بأشرف ختام، ونال أعظم وسام: وسام الشهادة.
فالسلام عليه يوم وُلد، ويوم استُشهد، ويوم يُبعث حيًّا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى